المحامية والحقوقية "راضية النصرواي"، عرفتها في سنوات منفاي. حيث كنت فاعلا ومشاركا في جميع تحركات المعارضة التونسية في أوروبا، من أجل التصدي للاستبداد، والمساهمة في كنس دولة البوليس، بصفتي الصحفية، وضمن كل المواعيد الهامّة، كانت "راضية" حاضرة حضورا من الوزن الثقيل، إذ كانت صديقة الكل، مناضلة حقوقية تشتغل لفائدة الجميع دون منّ ولا ولاء ولصالح الإنسان، امرأة حرة لا تهدأ ولا تستكين ، وعلى هذا الأساس تتعامل مع الملفات الحقوقية دون قفازات، ولا إيعاز ولا توجيهات.
"راضية النصراوي" درعا ضد التجاوزات-
كانت مرعبة لدولة البوليس، ولطيفة ووديعة جدا مع ضحايا القهر والاستبداد، وحصنا منيعا لهم ودرعا ضد التجاوزات.. "راضية النصراوي" لم تكن امرأة تحسب سياسيا، أو من الذين يتحركون وفق تعليمات، بل كانت تلقائية، وصديقة الكل ممن يعانون من القمع والاضطهاد..وما يثير الانتباه أنه رغم تحرّكها في كل الاتجاهات، فإنها تحترم جدّا مواعيد قطعتها. وتحرص على الإيفاء والالتزام. فكم هي الأمثلة عديدة حين يستنجد بها بعض المنفيين للتدخل في قضايا حقوقية تخصّ عائلاتهم، فتكون نصيرا لهم في غيابهم، كما لا ننسى إضراب الجوع الشهير سنة ألفين وسبعة، حين وصلت باريس في عربة..
كانت صداعا في رأس الاستبداد
راضية النصراوي" كانت كابوسا للبوليس السياسي"في عهد بن علي، الذي يخشاها وبات يتجنب الصدام معها. ذلك لأنها إمرأة وحدها في وزن كتيبة، وهي صاحبة الضمير الإنساني الصاحي الذي يصطف تلقائيا لجانب الضحايا والمظلومين سياسيا، حتى تشكل إجماعا حولها، والكل يدرك ان "راضية النصرواوي" ليست حقوقية مسيجة في مربع، بل هي ملكا للمجتمع بكل تنوع انتماءاته الفكرية والسياسية..ولعل زوجها المناضل "حمة الهمامي"، الذي أهداها أجمل قصائد وهي على فراش المرض، تترجم بكثير من الإحساس والوجيعة، موقع رفيقة الدرب شفاها الله..
"راضية النصراوي" فخرا للتاريخ والكتب
فقد كانت وستبقى سراجا مشعّا في جبين البلد، مثلها مثل الفقيدة "مية الجريبي" تلك المناضلة التي شرّفت البلد والعرب.. فشكرا راضية لأنك امرأة استثنائية وحّدت حولها الشعب، في حين البعض يشتغل لتقسيم البلد.. شفاك الله أيتها اللبؤة الحرّة فأنت فخر للتاريخ والكتب، وغيرك سطرا بائسا من حكايا التسلط والبؤس..أنت مرفرفة في سماء العطاء والفعل، وغيرك يعاني من إسهال في الخطب..