استعمل هيئة الدفاع عن الشهيدين وقام ببث مباشر للندوة الصحفية التي كشفوا فيها حقائق مرعبة، منها تجسس احدى شركات الاتصالات لصالح الغنوشي ثم استقبل الرئيس المدير العام لنفس الشركة ليثني على عمل الفرع التونسي وتفانيه !!!
وبعد ان استغل الهيئة استغلالا فاحشا والغى المجلس الاعلى للقضاء، وبعد ان نصّب قضاته في المجلس الجديد، صمت الصراخ وسكت الكلام المباح عن القضاء والقضاة، وتوصيفهم بعصابة السراق.
اصبح للرئيس رواق مفتوح للتحكم في رقاب من على العدالة مسؤول، وبقى حال القضاء رث يعاني الهينات، بل واصبح اتعس مما كان، مقسم، مسيس وفي حالة عجز وإنهيار.
وبطبيعة الحال لا حديث من ذلك الوقت عن الاغتيالات والخونة والارهاب.
استوى القاتل والمقتول، امام ضرورة وأهمية تمرير قانون الصلح الجزائي التعيس الذي رفضه المجلس الاعلى للقضاء السابق وكان الرفض سببا في حلّه.
وانتم في كل هذا تهللون وتكبرون بالتطهير المزعوم لقضاء، نخرته سبعون سنة من التبعية والتعليمات من بورقيبة الى بن على الى النهضة الى الشاهد الى سيدكم القائم على اموركم صاحب الامر والنهى، اميركم القادم من عصور الحبر والريشة والمرسل والمرسول، ايام السيف والابل والخيمة والعبد المأمور.
استعمل كرهكم للنهضة وفهم نقطة ضعفكم الغبية، وتظاهر بالعدوان للإخوان وهو حامل لفكرهم وعقدهم وتزمتهم اكثر حتى من العديد منهم، واستجلبكم لحضنه حتى تبقوا صامتين ولا تنبسوا امام الْمَلإِ بكلمة انقلاب وان فعلتم فانكم في احضان الغنوشي مرتمين.
فهرولتم باتحادكم ومنظماتكم ونقاباتكم وهيئاتكم باسطين للذل انفسكم مهللين بسقوط الاخوان، مبررين الانقلاب ومبرئين المنقلب بكل عبارات الخنوع والخضوع، وويل لمن يخرج عن قطيعكم ويختار الوقوف لصد هذا التغول فانه يصبح الخائن الزنديق ويجابه بالسؤال المحموم " عجبتك عشرية الخراب" او " هل انت ضد لحظة 25 جويلية"؟ في سؤال استنكاري يقول لك فيه "احذر ان تقول نعم لأنك تقترب من صف الخائنين" ، واجابتك ستكون اخر فرصة لإنقاذ نفسك من تهم الخيانة العظمى التي يشهرها امامك هذا السائل الثقيل.
وما ان اطمئن وان الجميع اصبح مضمون، خرج عليكم بخطاب 17 ديسمبر 2021 ليعلمكم وان احلامكم في مقاسمته السلطة مجون، وان آمالكم في مشاركته تحديد ملامح الغد جنون، وان كل ما تريدونه هو هراء لديه، وما انتم سوى آداة لتمرير برنامجه المخطط له من سنين، وانكم اتفه من ان يتقاسم معكم الحكم فانتم دمى يسيركم كما يشتهى ويريد، فلماذا بربكم سيقتسم معكم ما وهبتموه اليه من سلطة بلا حدود !!!
وانتم ورغم ما سمعتوه من خطته لا تزالون واهمين بان سيدكم سيرضى عليكم ويقبل، من حسن اخلاقه وفضالة كرمه، ان يحاوركم فيما عزم عليها من امور.
مرر استشارته الفاشلة والرديئة رداءة من صاغ اسئلتها ودوّن اجوبتها.
استعمل كل وسائل الدولة ومؤسساتها وكل انواع الضغط على الموظفين، جنّد الاعلام العمومي ونهب المال العام بإلهاء الوزراء والولاة والمعتمدين الذين يتقاضون اجورهم من المال العام في استشارته، عوض تكريس ساعات العمل لاداء المهمات التي من المفروض ان يكونوا قد نصبوا لآداءها وهى خدمة الصالح العام.
استولى على المال العام، عندما سخّرت كل وزارة جزء من ميزانيتها، كان معد لأغراض اخرى، لتغطية مصاريف الاستشارة في الدعاية والاشهار والتنقلات والهواتف وشركات الاتصال وغيرها …
في وقت تغرق فيه البلاد في الافلاس والتضخم وشح المداخيل وانعدام الانتاج وقلة العمل والتردي البيئي والعنف وجرائم الحق العام.
وانتم تهللون وتكبرون بنجاح الاستشارة الشعبية وعبقرية سيدكم في استنباط الطرق الملتوية لإضفاء مشروعية على برنامجه في البناء الفوضوي. وحتى وانتم ممتعضون، فامتعاضكم مغلّف بطبقات من التملق والتزلف بشكل يجعلكم اكثر مذلة واعمق خنوع.
لم يأبه بكم وبدعواتكم المتتالية للحوار، لأنكم لا مكان لكم في بناءه الجديد ولن تنفعوه بشىء بل ستعطلون المشوار وتزعجون مزاجه وتربكون مخططاته، فلمذا يا الاهي سيحاوركم وانتم اصلا اول ضحايا بناءه الفوضوي؟؟؟ فمنذ متى يحاور السيد عبده؟
هل انتم قادرون على استيعاب هذه الحقيقة المرّة ومنتهون من العويل عن حوار مع "الصادقين" ومن توزيع بطاقات الدعوة على من تريدون!!!
يا الهي لستم مدعوين قالها لكم مرات بين الاسطر والحروف فلما العناد والتكرار؟
انتم لا تصلحون ولا تمثلون سوى اداة يستعملها بين الفينة والاخرى عندما يريد تمرير مراسيمه لتعبيد الطريق، فيلقي لكم برغيف لتلتقطوه جوعا ، فرغيفكم المسمى نورالدين البحيري، او سمير بالطيب ،او شوقي طبيب ،او عبد الرزاق الكيلاني ،او مقاومة الاحتكار ،او الخيانة العظمى، كافي لإشباع غرائزكم البدائية الانتقامية البلهاء.
عندما اشتّد عليه الضغط الاجنبي حول الحوار والرجوع الى المسار الديمقراطي، استبلهكم من جديد ودعاكم فردا فردا للحديث عن احوال الطقس والزواج العرفي وكيف تكون طاعة الاسياد، واعلمكم وان مخرجات الحوار مع "الصادقين" هى نفسها مخرجات استشارة المتحيلين. وبإعلامكم انتهى الحوار. تماما كما اعلم رئيس الحكومة ورئيس البرلمان بقراره تفعيل الفصل 80 من الدستور، حاصر الاول وجمّد الثاني.
الم تعوا ان مصيركم هو نفس مصير هؤلاء وان الجميع مجرد وسائل وادوات لفتح الطريق امام نابغة الانسانية العظيم مكتشف البناء الفوضوي العجيب؟
التقط صوركم وسجل تصريحاتكم، وباعها للخارج على انها الحوار المنشود. وانتم لا تزالون تنتظرون الدعوة والكراسي والطاولة المستديرة التي خيّل اليكم انكم عليها ستجلسون لتقرروا مستقبل البلاد والعباد!!!
يا الهي كم انتم حالمون!
سيدكم يرقصكم كل يوم على نغمته وانتم فرحون مسرورون.
سيدكم دمّر النظام الجمهوري في الواقع وساع الى تدميره بالدستور ثم يقف على قبر الزعيم ليردد امجاده في بناء الدولة الحديثة والنظام الجمهوري !!! وانتم فرحون بصورته امام الزعيم تصفقون للسيد النظيف الذي يكذب على الملء كل يوم بعد منتصف الليل.
دمر اكبر قوة في هذا الوطن اسمها "المجتمع المدني"،
محقه محقا.
دمره من الداخل فاين الرابطة التونسية لحقوق الانسان امام هذا الخراب ! لا جواب ! تنخرها الصراعات الداخلية والاصطفاف مع او ضد الانقلاب. ونفس الازمة تعيشها بقية المنظمات التاريخية منها والفتية. اما الاتحاد فمصيبته اعظم ولن يخرج من هذه الورطة بسلام.
اما منظمة الاعراف فمترنحة بين الخوف والبهتة، دخلت بيت الطاعة حتى قبل ان يهددها، فرأس المال دائما جبان، وقوس الشجاعة الذي عاشته منظمة الاعراف، والذي كان في فترة ترأسها من طرف امرأة اغلق مع رحيلها وانتهى الموضوع.
اقول ما اقول لتعلموا وان القوة الضاربة التي اجهضت كل برامج النهضة واسقطتها من الحكم، حين تعفنت الوضعية في البلاد، تلاشت واضمحلت واصبحت من عداد المتوفين. لم يعد لهذا الوطن درع اسمه المجتمع المدني لحمايته من حكم فردي واستبداد بالسلطة لم يشهد مثيل له في تاريخه ابدا.
لن تكون هنالك انتخابات تشريعية، وفي ديسمبر، ان اراد المكتوب، ستنتخبون ممثلين عن مجالس عماداتكم وانتهى الموضوع. انتخابات على الافراد في دورتين.
ولن يكون حضور النساء كبير، بل سيكون شبه معدوم، وستكون افرازات هذه الانتخابات مرعبة بين العروشية والكناطرية وقوة المال وشبيبة القيسون ، خلطة من الرداءة سيصبح بفضلها برلمان الغنوشي جنة الخلود. وانتم انتم الساكتون الصامتون المبررون الكاذبون الانتهازيون انتم المسؤولون على هذا الخراب الجماعي.
لقد ساهمتم في تحطيم هذا الوطن بمساندتكم وتبييضكم لما يقوم به.
حطّم تقريبا كل مكتسبات ومؤسسات البلاد التي اسست عبر اجيال من 1956 الى جويلية 2021.
النظام الجمهوري يعيش آخر ايامه. في انتظار 25 جويلية لدفنه والصلاة عليه في جنازة سيؤمها السيد وعبيده الصادقون. وانتم منهمكون في الغنوشي اين سيصلي والزواج العرفي موجود ام لا.
شعب تائه ونخبة تافهة ومجتمع مدني مفكك . كل المكونات متوفرة لتأبيد هذا الاغتصاب للبلد لعقود. احسنتم يا نخبة يا ذكية يا فطنة يا تعيسة يا محطمة لبلادها لأنها مرتعبة من حزب لم تقدر على الفوز عليه بالصندوق فساندت من خلعه بالدبابة.
انتم اتفه واتعس مما كنت اتخيل حتى في كوابيسي القصووية. كم انقم عليكم وكم احمّلكم مسؤولية هذا الخراب. انتم من وهب البلاد لدون كي شوت حتى يخربه، ويحقق حلم العظمة بعد ان فاته قطار الامتياز على مدارج الجامعات.
ورغم اننا سنكون جميعا في نفس المركب، الاّ ان هذا الخراب هو مسؤليتكم انتم ولا احد غيركم لأنكم كنتم تعلمون وتعمدتم خداع الشعب التونسي بمساندتكم للدكتاتور. ومن استفاق الان ولكنه لا يخجل من تبرير مساندته بالقول وان 25 جويلية خطوة صحيحة، اما المسار الذي انتهجه سيدكم اثر ذلك خاطىء، اقول له بربك اصمت صمتا طويلا ولا تفتح فاك فانت في احسن الاحوال غبي وفي اسوء الاحوال انتهازي وفي كل الاحوال مقزز.
ولرجال ونساء القانون المساندين لهذا الدمار اقول كيف لكم القدرة على مجابهة طلبتكم وتدريسهم القانون الدستوري والانظمة السياسية وتفريق السلط وعلوية الدستور ؟؟؟
هل انتم من الوقاحة بشكل يسمح لكم هذا المجون ؟؟
الاكيد ولا جدال انتم في عمقكم رعاة وعبيد ولم تستبطنوا يوما الحرية والمواطنة والديمقراطية. لا الوم الشعب الكريم فتلك حدود الله والجوع كافر ومبرر لكل خطيئة، لكنني العن ما يسمى بالنخب السياسية والحقوقية والجامعية،التي انفقت عليها الجمهورية التونسية المليارات لكى تكونّها وتسلحها بالعقل والفكر والتحليل والتمييز، لتكون الفانوس الذي يضيء بيه المجتمع طريق المستقبل، طريق العقلانية وطريق الحداثة وطريق الدول المتحضرة، دول احترام القانون والمؤسسات وعلوية الدستور وفصل السلطة وتأسيس للرقابة والسلط المضادة.
فاذا ببلادي قد انجبت بدل النخبة سماسرة، وبدل العقل غرائز، وبدل الحكمة نفاق ومهادنة، وبدل الثقة في النفس، نخبة جبانة ترتعد مفاصلها امام من تختلف معهم فكريا وايديولوجيا، وترتبك نوروناتها لمجرد ان تجد نفسها مجبرة على افتكاك حقوقها بنفسها دون حاكم يحميها من اعدائها في الفكر والسياسة.
فنخبة تبيع فكرها ومبادئها ووطنيتها بحثا عن الامن والحماية ومكان صغير تحت ضلال الدكتاتور، هى بئس النخب وعار على البلد.
فهنيأ لكم ولكم ما اردتم.