دعونا نتّفق أنّ الدّولة التونسيّة عندها مُخّ فيه مادّة رماديّة ملقّمة من أجناس كثيرة .. المُخّ هذا خطّط للإنقلاب و أكيد عنده أهداف استراتيجيّة محدّدة مُسبقا يريد تحقيقها من خلال شخص قيس سعيد .. و ما عزله داخليّا و خارجيّا إلّا جزء من خطةdivide et impera/فرّق تَسُدْ .. لتسهيل عملية التحكّم و تسريع الإنجاز .. إذًا كل ما يفعله الرّئيس ليس إعتباطيا أو جنونا كما قد يبدو لنا.. إنهم أذكياء جدًّا.. إنّهم شياطين من إنس.. إنّها بيعة و شرية.. المُمثّل على الرّكح رابح و السيناريت/المنتج رابح.. علاقة win-win ..
بدؤوا بتدمير كل المؤسسات الشرعيّة المُنتخبة.. و استبعاد كلّ الأجسام المدنيّة و الحزبيّة الوسيطة.. ثمّ إستبدال الدّستور .. فتركيز البرلمان الصّوري .. و خلال وقت وجيز أتوقّع المرور إلى إصدار الحركة القضائية.. و تعيّين المحكمة الدستوريّة .. و ستصبح المحاكمات و الانتهاكات السّابقة حلوى و محض أُمنيّة.. حيث ستشتدّ القبضة البولسيّةْ.. و لا أستبعد أن تتحرّك الماكينة الإرهابيّة.. و سيعودون بنا الى مربّع الأمن و الغذاء مقابل الديمقراطيّة و الحريّة..
فقط عندما يكتمل تركيب puzzle/بوزل نفوذهم المُركّب ..و يضمنون مصالحهم الداخليّة و الخارجيّة ..و يُغلقون كل منافذ الاستقلال و الهويّة و الديمقراطيّة و الحريّة .. سيتخلّصون منه و من رجالاته و مؤسساته الأهليّة و مقارباته الإنسانيّة ..
لكن ما لا تضعه هذه المادّة الرمادية الهلاميّة الخبيثة في الحسبان .. هو أن جزأ كبيرا من العقلية التونسيّة تحرّر من أدران الجاهزيّة التاريخيّة و الثقافيّة الخانعة للإستبداد .. و من السلطويّة الابويّة التي تربت عليها أجيال من قبيل نضربك و نذلّك لمصلحتك.. هيهات منا الذلّة .. فقد انتهى حكم الغلبة لو يعلمون …
لذلك يا جماعة الخير.. وصيّة وسع كيما تقول أمّي .. كل واحد يمشي يطيّب عشاه و ينكبّ على المراجعات و الإصلاحات و المؤتمرات و إعداد و تصعيد القيادات و صياغة مشاريع جديّة .. راهي المعركة مطوّلة و تحبلها جاهزيّة و مصداقيّة.. و ذراعك يا علّاف..