قبل القراءة .. إنزع عنك الأحقاد و الإصطفافات و الأحكام المسبقة .. صفّي قلبك .. و كون إنسان .. و إذا تعاني من مرض إيديولوجي أو هووي اللّهم عافينا .. تنفّس مليح .. أو لوح عليك من التّدوينة لأنّها تنجم تتسبب لك في أعراض جانبيّة كالإكتئاب أو الهيستيريا بعيد الشرّ عليك ..
سجن المرناڤيّة ..
أصبحت عند الذّهاب إلى السّجن تقولش عليا ماشية لندوة سياسيّة .. بحيث أجتمع في نفس الغرف مع ناس ربّما لم يجتمعوا يومًا في نفس المكان .. شوية مع الأستاذ جوهر بن مبارك .. ثم الأستاذ عصام الشابي .. ثم الشيخ حبيب اللوز .. ثم سي خيّام التّركي.. ثم الشيخ راشد الغنوشي .. ثم سي البشير العكرمي .. و نرجع في اليوم الموالي ..شوية مع الأستاذ رضا بالحاج .. ثم الأستاذ نور الدين البحيري .. ثم الأستاذ لزهر العكرمي .. ثم سي عبد الحميد الجلاصي .. ثم الأستاذ غازي الشوّاشي إلخ .. بالإضافة إلى أنّه في كثير من الأحيان يعرضني في الكولوار سياسيين و رجال أعمال و إعلاميين لا أنوبهم أما ناقف شوية معاهم و نطمّن عليهم و على ظروف إحتجازهم .. تيي قلتكم مهرجان سياسي على حاله في المرناڤيّة ..
يقول القائل يا اسلام تعبتشي من المشي و الجي على السّجون؟.. الحقيقة لا أخفي أني جسديّا أحيانا يقوى عليا النّسق و نتعب .. لكن متعة لقائهم و الحديث معهم مهما نحكيلكم هي فوق الوصف .. نغتص مع كل واحد في حكاياته و توصياته و تحليلاته .. و كثيرا ما تخرج الزّيارة من قالب القانون و السّياسة و ظروف الإقامة و العائلة إلى الضّحكة و النّكتة و معاني الحياة ..
فقد إكتشفت مثلا أنّ راشد الغنّوشي إلى جانب كونه كما تعلمون سفّاح ههه… طلع صاحب نكتة و ضامر و ذوّاق قهوته أميريكان موش كابوسان مزيّتة كيما صاحبنا ..
خيّام .. زادة راهو موش كيما الصّورة النمطيّة لراجل قننو ولد ناناتي متاع اكالنوعيّة الماسطين الباردين أذوكم .. أبدا .. طلع "مرامدي" و عميق مذبيك ما تقومش من بحذاه .. عنده كتاب سيصدر قريبا.. أقراوه و ستتعرّفون على الرّجل عن قرب ..
غازي الشوّاشي محافظ على نفس الذّخامة و الوهرة ساق على ساق و لا يتوقّف عن التّحليل و ساعات كثيرة حتّى عن التنبير ههه ..
جوهر محبوس منذ أكثر من شهرين و نصف ..و والله لا نزيد عليكم عمري لا ريتو متغشش أو كئيب و الضّحكة ما تتنحّاش من وجهه حتى و هو يتحدّث في أكثر المواضيع جديّة و خطورة .. و هناك خصوصيات كي عرفتها عليه و على حياته و على إبنه قداش كبر في عيني و زدت إحترمته و عزيته ..
عصام الرّجل المتخلّق الرّصين .. كان يصادف كلّما إلتقينا في إجتماع في مقرّ حزبه أن يكون جلوسي على الكرسيّ الشّاغر بجانه و لم أكن لأتوقع يوما أن ألتقيه في غرفة بالمرناڤية.. راحة وثقة إستثنائية تغمرني كلّما جالسته و حادثته .. يشدّني فيه إحساسه اللّامتناهي بالإعتزاز بقناعاته و بمواقف رفاقه المناضلين ..
الشيخ اللّوز ندخل نسلّم عليه بحرارة و نعطيه بوستين و نبدى نشكر و نمدح في الجبّة و الوهرة و الوقار و ناكلو بالكلام ههه… لرفع معنوياته.. و هو يبدى متبسّم و يقلّي أنا تعتبرني كيف بوك ماهو يا أستاذة؟.. يحب يتهنى إلّي البوستين حلال ههه .. راك بنتي و محاميتي .. و نحبّك تدافع عليا.. شفت الملف؟.. بربّي عيش بنتي قلّي علاش حابسيني؟ .. شبابي عديتو في الحبس و موش مكفيهم! .. بوك مريّض .. أما راني مؤمن بربّي و نفرض إحترامي على النّاس الكلّ هنا .. و ما نسمحش لمخلوق يمس شعرة من قيمتي أو قدري!! .. و يحكيلي بكلّ فخر و إعتزاز على مواقف مختلفة عاشها و تعامل معاها بحنكة و شجاعة .. وقت يجي العون يقلّي "كهو أستاذة؟ هاني بش نجيبلك فلان" .. يجبدلي حكاية جديدة ههه كيف الصّغير و نقعدو نحكيو واقفين على الباب لآخر لحظة و هو يتفكّر كل مرة موضوع .. آخرها آش عندك صغيرات ههه؟ .. قتلو زويّز و بنتي الكبيرة تعدي الباك إدعيلها بالنّجاح والتميّز.. أنا خارجة وهو بدأ يدعي...
عجبتكم الحكايات .. نعرفكم تموتوا على الحديث و التّفاصيل ههه .. أما ما تنساوش .. رغم صمودهم و قوّتهم و ضحكتهم .. هذي ناس مظلومة .. فأغلبهم مودع بالسّجن من أجل تصريحات أو تدوينات أو محادثات .. و محرومين من حريّتهم و من زوجاتهم و وليداتهم و عائلاتهم .. يتبع ..