أؤمن إيمانا عميقا بالمبدأ الذي سطرته الآية القرآنية الكريمة "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".. وعندي الإنسان مُكرم بإطلاق، قاموسي لا يعرف إنسان في مرتبة الإنسان وإنسان في مرتبة ما دون الإنسان. ويرتبك عقلي وتهتز نفسي وأنا أشاهد أناس عزل يُقتلون بدم بارد دون أن أُعفي الإنسان الحر، الذي يختار حكّامه بكل حرية، من مسؤوليته بالقدر الذي يتناسب مع تأثيره في صناعة القرار ولكنني أجد نفسي مُتبرما بالخطابات الاعتذارية التي يلقيها بعض من أصحاب الأبهة المكتنزين شحما و لحما وهم يتحدثون عن الجرائم التي وقعت في باريس دون أن ينبسوا ببنت شفة عن سلسة جرائم باريس ولندن وواشنطن وموسكو والقائمة طويلة، جرائم كانت ولازالت دعامة أساسية في استمرار هيمنة الحضارة الغربية.
مثل هذه الخطابات الهجينة التي يتلقاها الشباب الذي طحنته عجلة الاستبداد المحلية المتغذية حتى القرف غربيا وأرهقه التهميش الاجتماعي، يتلقاها بالازدراء والسخرية بل تدفعهم إلى الارتماء في الحاضنة الداعشية. بالله عليكم ما الفرق بين ضحايا القنابل التي تُلقى عن بعد على المدنيين العزل في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرهم كثير وأيضا ضحايا قرارات المنظمات المالية الدولية الكبرى الذين تبتلعهم البحار يوميا وبين ضحايا الحزام الناسف؟ الفرق يا سادة أن أولئك يسومونهم سوء العذاب جيل بعد جيل، تحلّ بهم الجريمة تلو الجريمة حتى ضاقت بهم السبل وهؤلاء حديثو عهد بها. أم عندكم الضحايا العبيد والضحايا الأسياد لا يستوون؟
رجاء قليل من الحياء، تأتون إلى القنوات التلفزية تتمطون على الأرائك وتلقون بالأحاديث جزافا غير مبالين بالكوارث التي تحدثونها وراءكم. عقول صغيرة، تجرّها الهوامش و تتعلق بظواهر الأشياء ولا تنفذ إلى أسبابها الحقيقة، إن كنتم غير قادرين على قول الحقيقة فاصمتوا أو على الأقل ردّدوا ما يقوله عقلاء الغرب.