لم يكن محرز ظاهرة فريدة، فقد كان أغلب القضاة مثله، حتى أن أحد أشهر قضاة ذلك الزمن البذيء كان يردد: "نحن مع الرئيس ضد الحكومة والشعب"، درجة ولاء وعبودية لم يسبقها إليهم أحد.
الاعتداء على اللغة لا يكون إلا عند أولئك الذين يزيّفون الواقع وهم قاصدون ذلك، مع معرفتهم بحقيقة الأمور والأشياء والوقائع، وذلك عبر خطاب يقلب الأمور رأسا على عقب.
كان المنظر جميلاً ومدهشاً. مئات الناس يقيمون الصلاة على جسر من جسور النيل، يأتي الأمن المركزي ويستخدم خراطيم المياه في رش المصلين، المصلون لا يرف لهم جفن ويستمرون في ممارسة شعائر الصلاة
الهروب من الموقف عبر هذه اللغة المنبتة ليس تعبيراً عن هوية متحررة، بل على الضد من ذلك إنه بعكس هوية ضيقة متيقظة تحاول أن تستتر بهذا النوع من اللغة.
فالثورة ليست فعلاً سياسياً فقط، وإنما فعل سياسي- أخلاقي مؤسس على فكرة الحرية والتحرر، بمعزل عن سيرورتها اللاحقة التي قد تفسدها السلطة والصراع على السلطة والتشبث بالسلطة.
Les Semeurs.tn الزُّرّاع