يزخر الأدب الكوني منذ القدم بنصوص إباحيّة دقيقة التّصوير....شعرا ونثرا، وحتّى رسوما بيانيّة توضيحيّة صريحة..... وقد اشتهرت هذه النّصوص القديمة، وتناولها وتداولها القرّاء والنّقاد والدّارسون.....ولعلّ أشهرها على الإطلاق كتاب "الكاماسوترا" لمؤلّفه الهندي: مالاينجا فاتسيايانا…
و في أدبنا العربيّ القديم، اشتهرت الكُتب الجنسيّة ورُويت فصولها وأبوابها في المجالس والسّهرات....أشهرها :
- نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب .
- نواضر الأيك في معرفة (...) للإمام جلال الدّين السّيوطي.
- تحفة العروس ومتعة النفوس للتيجانيّ.
- الروض العاطر في نزهة الخاطر، وتنوير الوقاع في أسرار الجماع للنفزاوي.
ولم تكن النّصوص الإباحيّة مُحرّمة ولا ممنوعة، حتّى أنّ أحد السّلاطين في تونس وهو عبد العزيز الحفصي أمر "أبو عبدالله محمد بن محمّد النّفزازي" بتأليف تتمّة لكتاب جنسي مُقتضب ومُصغّر، عنوانه "تنوير الوقاع في أسرار الجماع"، فجاءت التّتمّة موَسّعة ومتفرّعة تحت عنوان "الرّوض العاطر في نزهة الخاطر".....
ونستشفّ ممّا سبق ذكره أنّ العناوين الجنسيّة الإباحيّة لم تكن ممنوعة أو مُحرّمة...بل بالعكس، كانت متداوَلة بحرّية....فيها ما هو علميّ توضيحي، وفيها ماهو فنطازمي إيروسي....
بينما في عصرنا الحديث، وعلى عكس صيرورة الزّمن، تحوّل الخوض في الشأن الجنسي إلى طابو من الطّابوهات الممنوعة....وتعدّدت فيه الفتاوى والموانع الدّينيّة والأخلاقيّة....
والحقيقة أن لهذه الفتاوى ما يُبرّرها....
فما تمّ تأليفه قديما، على كثرته ووفرته، كانت شخوصه ومناخاته مرويّة ميتافيزيقيّا وتخييليّا، يستند في مجمله على الإيروس والفنطازم....الغاية منه التّندّر والملح....بينما الأدب الإباحي الحديث، يعتمد في مجمله على الشخنصة والتّنسيب والمُباشراتيّة المفضوحة والشّهوانيّة الحيوانيّة، التي تنحطّ إلى مرتبة مادون مستوى الإنسان....
ويخلو هذا "الجنس" من الأدب من أيّ مضمون إيجابي...أو تكثيف أدبيّ فنّي، يُصوّر أركيولوجيا الإنسان في كلّ تمظهراتها و"أوضاعها" وسلوكاتها.....إلاّ قليل من هذه النّصوص التي زاوجت بين العمل الفنّي الإبداعي والتّخييل الإيروسي الفنطازمي.....ولعلّ نصوص ماريو بارغاس يوسا ورواياته الكبيرة، مثال جيّد على ما ذكرنا.....