عيد سعيد لجميع الخلايق…الزنوس الجهّال لا !

Photo

سمع الحاج بعض من يتحدّث عن دمويّة الشعب التونسي وحبّه للذبح والقتل وتحويل المدن إلى اصطبلات تنبعث منها الروائح الكريهة، وكيف يتحوّل رهط من "الخلائق" إلى مهنة رحي السكاكين، ويوم العيد لـ"تشوطيط" الرؤوس والأكرع، ووووووو…

قال الحاج: محلاها الكوريدّا الإسبانيّة وثور هايج ودمّو يتناطر والعباد شايخة على تبهليلو، وتصفّق للمجرم الفارس اللي باش يقتلو قدّام الناس الكلّ.... هاذيك حضارة !

ومحلاه عيد المهبّلة (fête des fous) في لوكسمبورغ وبلجيكا وفرنسا والعباد لابسة كاراكوز وتشطح وتطّش في غيرها بالماء وبالبيرة وياكلوا في الفول المدمّس والمدينة كلّها قشور فول ودبابز بيرة فارغة... هاذيكة حضارة !

ومحلاه عيد الطماطم في البرتغال والعباد اللي متعدّي تجيه كعبات طماطم على خلقتو وحوايجو تتبلحط وريحتو تولّي قارصة والمدينة تصبح من غدوة ريحتها ناتنة تقول سطل زبلة كبير.... هاذيكة حضارة !

ومحلاه طرح بوكس كلّو خنيفري وملاكم عينو طالعة وشفتو مفلوقة وشداقو معوّج والعباد تصيح تتلذّذ في الضرب لين يطيح ما في عينو بلّة... هاذيكة فنّ نبيل وحضارة !

صمت الحاج برهة، ثمّ قال:

يا أولادي يهديكم... الفوضى التي يخلقها المجتمع دوريّاً يُقصد منها إعادة الترتيب، فما من آلة اجتماعيّة إلاّ ويصيبها العطب ما لم تكن تحمل في ذاتها عناصر عدم اتّساقها، فتوتّرها هو ما يصنع تاريخها...

إقرؤوا جيل دولوز وفيليكس غاتاري... والمجتمع يتبلّد ويموت ما لم يعارض طمأنينته بتوتّر يصنعه هو (ويتحكّم فيه) درءاً لكلّ توتّر خارجي (لا يمكنه التحكّم فيه)... وما من سلطة، اجتماعيّة أو حتّى سياسيّة، يمكنها أن تتوطّد فعليّا إلاّ إذا عارضت نفسها طقسيّاً، واقرؤوا جورج بالاندييه…

وبقيت ملاحظة: رغم توفّر الأسلحة البيضاء بمئات الآلاف من سكاكين وسواطير طيلة أسبوع العيد في الشوارع علناً، فما من جريمة تحدث باستخدام إحداها، على عكس بقيّة الأيّام ! والحقّ أنّه لولا عمل الحاج وهو شابّ في نقل الخرفان في العيد حمّالاً وذبحها جزّاراً وبيع القرط والقصّيبة وغيرها من أعمال "الخلايق" و"الهمّال"، لما كان اليوم يتحدّث إليكم، وانظروا لمسألة تبديد الثروة الحيوانيّة من باب الاقتصاد السياسي وعلم نفس الضحيّة (Victimologie)، واقرؤوا مارسيل موسّ في مسألة البوتلاتش.

ايه نعم التخوليق ردّني راجل باش قريت وتكسيت وخالطت الناس وعمّلت على روحي، موش التشقنيص متاع اللي تربّى في القطن وماشي في بالو لحدّ عمرو عشرة سنين أنّو المقرونة تنبت هكّاكة وأنّو الإسكالوب يصنعوه صنعان موش ديك رومي، وجاي توّة يتشوحر قال لك مخيبها ريحة اللحم في العيد والبخور يدرّع الخواطر !

ايه نعم، أنا خليقة... وأفتخر !

عيد سعيد لجميع الخلايق ذكوراً وإناثا، فهم ملح الأرض ... الزنوس الجهّال لا !

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات