في الذّكرى الثالثة لإحداث لجنة الإتّصال حول التّعذيب

Photo

بين رئاسة الجمهورية و المجتمع المدني :

2017/ 26 ديسمبر 2014 ديسمبر 26

أيّها الأصدقاء المناضلون ضدّ التّعذيب و من أجل الكرامة البشرية ،

يوم 26 ديسمبر الجاري ، تمرّ علينا الذّكرى الثالثة لإحداث لجنة الإتّصال بين رئاسة الجمهورية و المجتمع المدني حول ممارسة التعذيب في تونس و التي كنتم أمضيتم وثيقة ميلادها مع رئيس الجمهورية حينذاك الدّكتور محمد منصف المرزوقي ، بعد عديد جلسات العمل التي نَبَعتْ من قناعتنا المشتركة بأنّ التّعذيب لا يمكن أن يكون من شأن الدّولة أو المجتمع المدني كلّ على حدة ، كما دوّنّاه في إعلان النّشأة .

Photo

لقد كنّا عقدنا آمالا واسعة في أن يكون ذاك الإعلان انطلاقة لشراكة بين أركان المجتمع التّونسي برمّته لمقاومة فعّالة لآفة ليس حولها أيّ خلاف مبدئي ولا يمكن أن تكون محلّ تجاذب سياسي . ولقد حرصْتُ من ناحيتي باسم رئاسة الجمهورية على الإبتعاد بقضيتنا السّامية عن كلّ ما يمكن أن يشوبها أو يضعفها من الإستعمال السياسوي أو التجيير الشّخصي و من ذلك أنّ كلّ الصّورالتذكارية التي أخذناها يومها مع السّيد رئيس الجمهورية بلغتكم كلّ في ما يخصّه و لم تُنْشرْ للعموم كما كنّا التزمنا به لكم .

Photo

و كما هو واجبي فقد كنت ضمّنْتُ الوثيقة المشتركة رسميّا في مكتب الضّبط برئاسة الجمهورية ، كما ترون ذلك في النسخة المُرْفقة بهذه الرّسالة . وقد كنتُ آملْت كلّ هذه المدّة في أن يتولّى أصحاب المبادرة المطالبة بتفعيل الإعلان الممضى و إحياء لجنة الإتّصال التي أُحدثتْ باسم مؤسّسة رئاسة الجمهورية وهي تلزم المؤسّسة بصفتها تلك لإعطاء معنى لكلّ الجهود التي بذلناها معا في هذا المشروع الطّامح إلى إرساء قواعد جديدة للحوكمة تكون التشاركية فيها أكثر من الهرمية .

Photo

أيّها المناضلون و المناضلات ،

إنّ واقع اليوم المتّسم بعودة الظّاهرة الكريهة و بتعطّل المنظومة الرّسميّة عن القيام بواجبها و خاصّة المرفق القضائي و الآلية الوطنية ضدّ التّعذيب ، كلّ ذلك يجعلنا في أمسّ الحاجة إلى توحيد الجهود من أجل الحفاظ على المكاسب القليلة التي هي كفيلة بمنع عودة التعذيب إلى المستويات التي كان عرفها قبل الثّورة . وعليه فإنّه من واجبنا أن نطالب رئاسة الجمهورية الحالية بعقد جلسة مع أطراف المجتمع المدني اللّذين أسّسوا لجنة الإتّصال لتفعيلها و زيادة نجاعة الشراكة بين الأطراف الممضية في سبيل محاصرة ظاهرة التعذيب و إحياء أمل القضاء عليها نهائيّا في بلادنا و ذلك من أوكد استحقاقات الثّورة .

لذا فإنّي أهيب بكم أن تنسّقوا مبادرة باتّجاه الرّئاسة الحالية للتّداول في الموضوع و استشراف موقفها و ما يمكن أن تفتحه من مجالات العمل المشترك المؤطَّر و الذي يمكن للجنة الإتّصال بطَرفَيْها أن تكون أداته الفاعلة في مجابهة الظّاهرة بتجنيد مؤسّسات الدّولة و ضمان المتابعة الجدّيّة و تحديد المسؤوليات عند الإقتضاء لتوكيد عدم الإفلات من العقاب .

لقد كنّا مقتنعين جميعا بأنّ الظّرف السياسي الناتج عن الثورة الشّعبية العارمة لسنة 2011 هو الأنسب للقضاء على الظّاهرة بتوحيد الجهود ضدّها و كانت مبادرتنا هذه تجسيما لتلك القناعة لذلك فمن صالح شعبنا أن نفعّلها لمنع الإرتداد إلى الوراء الذي يفاقم الحيرة لدى الرّأي العام احيث باتت قطاعات واسعة منه تشكّ في قدرة البلاد على الإنتصار على غول التّعذيب .

على أمل أن تتحرّك المنظّمات الدّولية و مع رجاء أن لا يضيع مجهودنا و الفرصة المواتية لدرء التعذيب عن بلادنا ، تقبّلوا جميعا خالص المودّة و تمنّياتي بالتّوفيق .


خالد مبارك : المستشار أوّل سابقا برئاسة الجمهورية المكلّف بحقوق الإنسان .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات