عندما يناقشك مهرب في تدهور الوضع الاقتصادي، ومخبر فيما آل إليه الوضع الأمني، وسياسي مرتزق في أداء حكام ما بعد 2011 ويجادلك مستقيل من الشأن العام، فجأة انقلب محللا تحريرا، ويحاورك إعلامي ذمته لا تساوي ثمن حذائه البالي..
عندما يحيطك كل هؤلاء بما اختلط فيه الحق بالباطل من أحداث ومواقف ومتغيرات، مستدلا عليك بمعاناة الناس وما تدهور من أوضاعهم قياسا لفتات الخبز الذي كان يتركه لهم المخلوع لقاء مصادرة إنسانيتهم بين البشر.. تكون المعركة كالآتي:
أنت تحاول أن ترفع الوعي والأبصار نحو التاريخ كي يدركوا أن لا خطوة للأمام دون ثمن ولا حمل دون أوجاع ولا صدق دون زمر كاذبة ولا منجز دون من يحاولون سرقته وتخريبه ولا خبرة في الحكم دون خيبات الأمل ولا فرز دون اختلاط من يستحق بمن لا يستحق ولا ثروة دون تضحيات ولا مستقبل زاهر دون عواصف ونكسات وانكسارات.. ولا بياض دون سواد ولا حل دون مشكلة ولا ديمقراطية دون خلافات ولا أمن دون حرية وأمان ولا سيادة دون بناء الإنسان ولا حداثة دون اعتزاز بالأصل والميراث ولا غد دون أمس ولا دولة دون تجاذبات ولا رفاهية تتحقق دون المرور بالأوقات العصيبة..
بالمختصر لا وردة دون أشواك ولا ثمرة دون عرق نحرث به الأرض ونبذر الزرع.. لا بد من نقطة انطلاق ومن مخاض المسار قبل الجدال في الوعود والأهداف.
هم يعرفون هذا المنطق جيدا، فلعقود متتالية ساقوا الذرائع كلها لتبرير فشلهم وقمعهم وسرقاتهم ونهبهم.. وعادت حجتهم الكبرى: وماذا تغير الآن لقد جاء من هم أسوأ منا؟ يعرفون كل ذلك لكنهم سيلعبون معك لعبة لا تكلفهم كثيرا،،سيرابطون عند ربوة الانتهازية ومنها ينزلون بين حين وآخر إلى الإغارة على الوضع المرتبك ينهشون أهدافه الهشة كما تفعل السباع الضارية مع غزالة صغيرة السن لم تحسن حتى تعلم أولى خطوات المشي..
وبين تسفيه للوضع الذي سلبهم أثداء الثراء التي كانوا يرضعونها، وغرس سكاكين المطالب التعجيزية سيخنقون الثورة بشعاراتها ولهم في التناقضات والمفارقات ألف متسع وطريق..
لمن سينصت الناس وسط هذه القدر التي تغلي بضغوطها..لوعي التاريخ أم للغرائزيات سواء أكانت مخاوف أم مطامع؟ المسافة بين الخيارين تصف الفرق بين مجتمعات قررت الإقلاع متحدية كل الصعاب، وأخرى حنت للقعر.. للعصا..للفتات..للعبودية والصغار وأشكال الحقرة والامتهان..
قرر يا شعب.. احسم يا شعب تصبر وتنال.. أم تعود طائعا إلى حظيرة الأبقار.. ليسوسك الأنذال..وقد كادوا يفعلون..