الموقف في سوريا ليس اختيارا بين داعش السلفية وداعش البعثية..

Photo

سأسلم جدلا أن سوريا لم تكن مرشحة لثورة كتلك التي اندلعت في تونس مع يقيني أن الأسباب التي دفعت التونسيين للثورة على بن علي يعاني السوريون أضعافا مضاعفة منها..

سأسلم جدلا أن سوريا تتعرض لمؤامرة كونية رغم يقيني أن نقطة الإرتكاز في تلك "المؤامرة" إنما هي الطريقة التي أدار بها البعث الدموي البلاد لعقود.. غير عابئ بكل دعوات التغيير والإصلاح والاستماع لصوت الحرية والحداثة.

سأسلم فرضا أن النظام السوري تصدى نيابة عن الأمة لقطعان الإرهابيين بمختلف عناوينهم ومشاربهم وألحق بهم هزيمة أنقذت الدولة السورية من الدمار، رغم يقيني أن النظام السوري هو من عمل سنوات طويلة على استقبال وترويض تلك الأفاعي واستعمالها في أجنداته الإقليمية إلى حد أخرج حكومة نوري المالكي يوما ما عن صمتها ومهاجمة النظام الذي آوى معارض البعث في نسخته الصدامية والتلويح بتقديم شكوى للأمم المتحدة تتهم المخابرات السورية وبالدليل بإيواء التكفيريين القادمين من كل البلاد العربية وتدريبهم قبل إرسالهم للعراق ليستنزفوا القوات الأمريكية هناك.. ومن يشكك في هذه الوقائع عليه بأرشيف وكالات الأنباء الدولية ولملفات القضاء التونسي وما اشتملت عليه من اعترافات "جهاديين" مروا عبر التراب السوري وتمتعوا باستقبال مخابرات البعث السوري.

سأسلم بأن النظام السوري هوجم فقط لكونه نقطة ارتكاز في منظومة الممانعة، رغم أن ذاكرتي تعذبني بذكريات الرصاص الذي أردى به الجيش السوري مقاتلين من حزب الله ضمن مجريات الصراع بين الحزب وحركة أمل فيما عرف بحرب إقليم التفاح التي اعتبر فيها النظام السوري حزب الله.. حزب الشيطان.

سأسلم بأن النظام السوري كان ظهرا وسندا للمقاومة في فلسطين ولبنان، رغم ما تسرب عن ضلوع وجه أمني من الصف الأول فيه في تصفية عماد مغنية كهدية للأمريكيين الذين كان الأسد يحتفظ بشعرة تنسيق أمني معهم.. والتاريخ سيكشف مزيدا لا شك.

سأسلم بنصر نظام الأسد المؤزر رغم علمي وعلم الجميع أنه ما كان ليستمر لولا الدعم الروسي والإيراني والذي لم ير في المشهد سوى مصالح إقليمية ودولية لم يستشر السوريون في أي منها وما إذا كان نظام الأسد أصدق وأفضل من يعبر ويدافع عنها.

سأسلم بكل ذلك، موقنا بأن ما آلت إليه الأمور لا تعفي في شيء نظام الأسد من نازيته وساديته وإجرامه ضد العزل ودوره ف خراب سوريا والعبث بها وتجيير خيراتها لفائدة المتنفعين داخل "آل الأسد" وخارج أسرتهم، .."الانتصار العظيم".. لا يعفي جزار دمشق من التنكيل الذي أوقعه بشعبه حتى أمطرهم لسنوات ببراميله المتفجرة، بعد أن جابه بالرصاص المتظاهرين السلميين في بداية الثورة..

من خرج في مطار المنستير يستقبل طائرة "أجنحة الشام"..يعرف جيدا الثكنة العسكرية التي فرضها البعث السوري على البلاد جاعلا من برلمانها مسخرة المساخر..وأضحوكة عند كل حر عاقل..

الموقف في سوريا ليس اختيارا بين داعش السلفية وداعش البعثية.. الموقف هو الانحياز للإنسان خاصة العزل من نساء وأطفال..واليقين عندي هو أن البعث الدموي في تلك الربوع كما نظام السيسي الدكتاتوري يمر بمرحلة رقصة الديك المذبوح.. فقد يفلت الطغاة من عدل التاريخ حينا، لكن النهاية المحتومة تنتظره لتحاكم عداءه للحياة وتضمن له مكانته الطبيعية في قعر التاريخ بل ومزبلته.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات