خلاصة يوم الإضراب العامّ
نحن قيادة اتحاد الشغل سنة 2019، الأضعف مدرسيا ومعرفيا (تكريسا لتقليد نقابي عريق سنه السحباني ثم جراد والعباسي في تفضيل شهادات الشارع والحياة على شهادات الجامعات) بدليل أن لا أحد فينا قادر على صياغة جملة عربية فصيحة من دون أخطاء صادمة لتلاميذ الابتدائي، أو حتى جملة دارجة من دون أخطاء تركيب ولحن في المعنى، والأتفه سياسيّا من بين كلّ من مرّ بقيادة المنظمة العمّالية بدليل عجز أي من قادتنا على صياغة فكرة سياسية سليمة.
وأمام حالة الفراغ والتصحّر في مشهد سياسي فريد قوامه:
- بقايا "نداء" المافيات واللوبيات بعد أن دمّرته صراعات الزعامة والمواقع والغنائم ودلال ابن الرئيس الفاقد لأهليّة الخوض في الشأن العامّ فإذا به يطمح لمنصب رئاسة جمهورية "ضربة وحدة" بعد ثورة جعلت العالم يتحدّث عن "استثناء تونسي"، ولم يبق فيه إلا مثقف وحيد اضطرّ رئيس خرف إلى خرق القانون بفجاجة مقرفة وإخراجه من السجن ليستعيد الحزب كاتب بياناته الأوحد (ليس الأمر مزاحا، فبيانات النداء في غياب برهان بسيس تستحقّ أن يحاكم كتّابها بتهمة الإعتداء على "كلّ شيء)".
- حكومة يقودها طفل غِرّ غَرّه الفراغ الكبير من حوله فتحرّكت فيه شهوة الحكم وطفق يناور يمينا وشمالا متقمّصا دورا "ماكرونيّا" لم يناسبه لضحالة متأصّلة فيه (فضلا عن سقوط النموذج الماكروني في مهده)، وربّما جرؤ أكثر وتمادى حين التفّ من حوله جرحى حزبه الأمّ ليزيّنوا له زعامة سياسية لا يملك من مقوّماتها شيئا.
- نهضة مرتبكة بين المراهنة على الشاهد الطموح الذي يملك "أغلب" أجهزة التنفيذ ويحتاجها ليستمرّ، فتستغلّ حاجته البرلمانية له ليبلغها الانتخابات، أو المحافظة على توافق مع رئيس أخرق مكّنها من الاستقرار في أجهزة الدولة مدة أربع سنوات عاصفة لم ينفكّ فيها خصومها عن اقتناص فرص الحدّ من "تغوّلها" الذي كان أفقيّا (شعبيّا) ويوشك أن يستوي عموديّا (أجهزة الدولة) أيضا.
وفي ارتباكها هذا وترنّحها لا بدّ للبلاد من طرف يستعدّ لشغل موقعها قريبا. ولا بأس من استعجال الأمر وإحياء ملفّ الاغتيالات السحريّ، ولا بأس من التنسيق اللصيق مع غرفة المناورات الرئاسية ومن ورائها غرف المخابرات الأجنبية.
- يسار تونسي عريق فعلا في العمل النقابي (الأصفر والأحمر)، وسليل تقاليد كبيرة في الديماغوجيا السياسية تلخّص صراعات العالم في المواجهة الأبدية بين قوى رأس المال العالمي والقوى العاملة (رغم قرب الاستغناء نهائيا عن قوة العمل لصالح التكنولوجيا)، لذلك يستعجل بكل قواه خوض معركة العمّال الأخيرة قبل انقراضهم.
فضلا عن أنه يئس نهائيا من لعبة الانتخابات الدورية وأعلن الإفلاس المبكّر للديمقراطية الشكلانية، ولم يعد مستعدّا لمنافسة غير متكافئة مع حركة دينية متجذّرة في لاهوت شعبي ساذج اضطرّ أحيانا لمهادنته والاقتراب منه على حساب عقلانيته المؤسسة لوجوده.
وبناء عليه، نعلن:
الإمعان في التهريج السياسي مع جملة المهرّجين،
وبالكش تصدف
لمن بالضبط؟
لأحدهم أكيد …