يكفي ان نلقي نظرة سريعه على سياسة ايران منذ نجاح الثورة الاسلامية في ايران ليتأكد لنا ان مشروعهم يتعارض مع المشروع العربي ومع وجوده اصلا ويعتبر المد الصفوي المتستر بالتشيع من أخطر تلك التحديات التي تواجه الأمة العربية لا سيما بعد أن أصبح أمل الإمبراطورية الفارسية يداعب الصفوية الإيرانية .ذلك الأمل الذي سخروا لتحقيقه كل طاقاتهم وإمكاناتهم.
إن الحلم الإمبراطوري الفارسي موجود دائما في العقل الفارسي قبل الإسلام وبعده فالنزعة القومية الفارسية هي المسيطرة دائما وإن رفعت شعارات اسلامية كشعارات خاوية تقية ومكرا.لقد تكشف النقاب عن التوجهات الإيرانية الرامية إلى السيطرة على المنطقة وإعادة إنتاج المشروع الإمبراطوري الفارسي الإيراني من جديد فالتمييز الواضح في المعاملة الإيرانية للعراقيين السنة والشيعة والمحاولات المستميتة لتشييع العراقيين والقضاء على السنة داخل بغداد تمهيدا لإقامة الإمبراطورية الفارسية من جديد واقع مشاهد.
ولقد برز الدور الإيراني بوضوح لتحقيق ذلك الحلم باصطياد شيعة العراق وبتأسيس حزب الله اللبناني الشيعي كرأس حربة ويد لإيران في لبنان وبدعم الحوثيين في اليمن كخنجر في ظهر اليمنيين وجنوب المملكة ودعم نظام بشار الاسد بالمال والعتاد والسلاح والرجال والذي يؤمن لهم قاعده متقدمه ورأس حربة في مشروعهم والمتابع يتبين له المحاولات المستميتة لصنع الفتنة من شيعة البحرين وشيعة الكويت وتوظيف شيعة المملكة العربية السعودية بطريقة احترافية والسعي بالتشيع في سوريا والأردن ومصر والسودان والجزائر وتونس والمغرب وغير ذلك من الدول العربية .
لقد نجحت إيران في تضليل الكثيرين عما تقوم به من محاولة السيطرة على المنطقة والدخول في الدول العربية ومن خلال الشعارات الجوفاء المرفوعة زاعمة نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية ومزايدة العرب على القضية الفلسطينية مستغلين خروج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي بعد توقيع السادات اتفاقية العار, اتفاقية كمب دافيد, وانفراط العقد العربي ونظامه الرسمي تارة برفع العلم الفلسطيني فوق سفارة الكيان الصهيوني في ايران وتارة اخرى بدعم فصائل فلسطينية خارجة عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني بالمال والسلاح.
إن العداء الإيراني المزعوم للصهاينة وأمريكا عداء وهمي فالسياق يفصح عن تنسيق كامل بين طهران وتل أبيب وواشنطن وكان واضحا هذا التنسيق في افغانستان والعراق وسورية وقبلا ايران غيت الشهيرة وهنا اذكر بالتصريح الشهير لولا ايران لما نجحت امريكا في غزو العراق وافغانستان حسبما قال نائب الرئيس الايراني علي ابطحي.
لقد قامت الثورة الخمينية على دماء أكثر من مليون قتيل واستمرت في بث الكراهية نحو كل ما هو مخالف لها وما محاولة الخميني عام 81 مع بداية الحرب باثارة شيعة العراق ضد نظام الرئيس صدام حسين في بعض مناطق العراق الذي سرعان ما استوعبها وكشف ابعادها ليعيد للصراع طبيعته القومية كما أعلنت إيران أنها ستقوم بتصدير ثورتها إلى الجوار ليصبحوا أتباعا لها ونجحت إيران في تحقيق الكثير من أهدافها معتقدة أن حالة الفوضى التي تمر بها المنطقة هي أرض خصبة لتتميم مشروع نشر أفكارها.
ان حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية إذا ما أرادت الإقلاع فإن مسارها لن يكون الشمال أو الشرق ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى الهند وباكستان والصين وفي الشمال هناك روسيا وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب أي منطقة الخليج حيث يمثل الخليج منطقة رخوة على حيويتها ولذلك لم تتوقف المحاولات الإيرانية للتمدد غربا والسيطرة الجغرافية والسياسية بل وحتى الدينية بعد سقوط صدام حسين وبغياب النظام الرسمي العربي ومشروعهم .
فرغم الخطورة التي تشكلها إيران على منطقة الخليج، فإنها لا تخفي طموحها، ففي مقابلة أجراها "راديو مونت كارلو" مع وزير الخارجية الإيراني "قطب زادة" في 30/4/1980، أكد الوزير بأن "كل بلاد الخليج تشكل تاريخيّاً جزءاً من الأراضي الإيرانية"، وكنا نظنها زلة لسان، لولا أن أعادها "روحاني" نفسه في 15/5/1980، حيث ذكر في مؤتمر صحفي أن: "البحرين جزء لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانية، وهي تشكل الإقليم الرابع عشر في إيران بموجب الدستور الجديد وان اخر تصريح صادم لعلي رضا زاكاني الذي قال به حرفيا ان اربع عواصم عربية اصبحت تحت السيطرة الايرانية هذا اضافة الى التصريح الذي أطلقه علي يونسي أبرز المسؤولين الإيرانيين ومستشار رئيس الجمهورية حسن روحاني والذي قال فيه، إن إيران إمبراطورية عاصمتها بغداد ..
كل هذا يؤكد ان الصراع صراع وجود وليس صراع حدود شأنه شان الصراع العربي الاسرائيلي ولكن ادواته اخطر وادهى لأنها تلعب على وتر المذهبية والفتنه (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) وبالنتيجة ان المشروع الايراني يتلاقى مع المشروع الامريكي الصهيوني لتفتيت المنطقة واقتسامها والهيمنة على مقدراتها وثرواتها.