النموذج التونسي الذي ترتعش النخب الحداثية والبيروقرطية النقابية عليه وتستنفر جمعيات المجتمع المدني الرسمي ونشطاء وشباب الانتقال الديمقراطي عليه. هذا النموذج الذي وقع تسويقه للخارج من خلال سرديّة التوافق السياسي وجائزة نوبل للسلام التي داسوا بها على دماء الشهداء واجساد الجرحى، هذه السردية واضح جيدا لنا انها سرديّة مهيمنة.
تكرس الاضطهاد الطبقي والحيف الاقتصادي لأبناء الهوامش في الأحياء الشعبية بالمدن والقرى والبلدات بدواخل البلاد. العنف الأمني والقضائي والسياسي تمارسه الدولة واجهزتها بشكل يومي على الطبقات الشعبية في المدن والارياف بعيدا عن عدسات المصورين، الحرب الطبقية غير المرئية التي تمارس بشكل يومي والقتل البطيء الذي يتعرض له المهمشون ولا يثير لا بيانات إدانة ولا مواقف مبدئية ولا دعم حقوقي ونقابي.
التزييف الديمقراطي والاديولوجي الشفاف جدا و"السامباتيك"، الذي يمارس منذ غلبة سرديّة الانتقال الديمقراطي والسلس والعرس الانتخابي ادى لاستبعاد المهمشين من أن تكون للسياسة بوصلة تجاههم ولصالحهم. الحراك الذي شهدته الاحياء الشعبية بالمدن والجهات الداخلية منذ جانفي 2021، تقوم الآن النخب السياسية الحداثية التقدمية التونسية الخ الرسمية بإلتفاف عليه وتوجيه للمطالب نحو مطالبها الخاصة.
حتى العنف الأمني والقضائي يتم التعامل معه بإزدواجية، العنف تجاه شباب الاحياء الشعبية والجهات الداخلية الذين يعتبرهم النظام ڤعر وجبورة وضيوف كما صرح وزير الدفاع مؤخرا لا يتم التعامل معه كما يتعامل مع الاعتداءات التي يتعرض لها النشطاء وبيان اتحاد الشغل يعبر ويكرس هذه الازدواجية، اما التعاطي الحقوقي يبقى ظرفيا ومناسباتيا.
ولا يتجاوز ضرورات الظهور الإعلامي والبروز الشخصي. أما مسألة الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسية منذ سنوات فقد ضاعت بين المزايدت السياسة وتسجيل المواقف ومحاولة الظهور وإيجاد موقع في الساحة السياسة واستحضار كل المعارك والعناوين المزيفة.