الممثلة التي ارادت أن تثير ضحك الجمهور بأحد القنوات التلفزية بإشاراتها لاستدعائها في أحد اعراس جرجيس للحريڨـة. بالطبع هي لم تجد طريقة أخرى لتصنّع كوميديا بائسة الا بالسخرية ثم الدعاء على من استدعاها لعرس "بالحريڨـة في روسهم".
بلغ بها الجهل انكارها لكرم من استدعاها لعرسه بينما كانت تقضي عطلة الصيف، هي ذكرت أن ام مخاطبتها من استدعتها. نعم نحن في جرجيس نحتفل في أول يوم في العرس بطبخ العِيشْ بالحريڨـة. والعِيشْ هو ما يسمى بالعصيدة البيضاء بجهات أخرى بتونس.
اما الحريڨـة فهي ميراث غذائي ولئن بدى غريبا للممثلة المتحدثة. لكنه مازال ميراثا نحافظ عليه والحريڨـة عبارة على زيت زيتون يسكب فوق العصيدة يصبح لونه احمر بعد ان اضيف له على النار البصل المجفف الذي يتم تحضيره وغمّه منذ فصل الربيع، إضافة الفلفل الاحمر المرحي بما يجعل طعم الزيت حارًا. كما يضاف نعتاد ان نضع السكر فوق العِيشْ.
عوض السخرية والدعاء "بالحريڨـة في روسهم" ممن استدعاها كرما في جرجيس لاحد عادات العرس كان عليها ان تعتذر عن عدم الحضور وتنتهي هنا القصة. لكنها أرادت ان تواصل مسيرتها الفنية في السخرية من لهجات، عادات، الجنوب وهو الامر الوحيد الذي تتقنه طيلة مسيرتها التمثيلية استجابة للذائقة الفنية للنخبة الفنية التونسية التي طالما جعلت عادات ولهجات الجنوب والمناطق المسماة داخلية موضوعا للسخرية والاحتقار رغم كونها اصيلة أحد هذه الجهات.
فهل تعتذر هذه الفنانة عن سخريتها "الماسطة". لأنني أعرف على الأقل انها لا تستطيع ان تعتذر عن كل مجهوداتها الفنية السابقة في ترسيخ صورة المرأة الريفية النمطية كما تريد نخبة المركز الثقافي في تونس لأن ذلك اضحى أمرا يتمّ التعامل معه كونه الصورة الوحيدة الممكنة لحضور ثقافة كلما يتعلق بما هو خارج المركز الثقافي في تونس.
أما عن حرڨـتنا وحرايڨـنا في جرجيس فهي لا تنتهي هنا. فهي بدأت منذ القدم ورثناها عن اجدادنا "ما شعلت نار في جفارة كان نار عكارة". وليست آخرها قضية جرجيس18 18 وحرڨـتنا المتواصلة على أبنائنا وقد رأت تونس قاطبة جزءً من نيراننا دفاعا عن أبناء جرجيس وابنائها ضد الحقرة ومازالت تلك النار لم تنطفئ.