العنف البوليسي والقضائي يتواصل في كل لحظة بعيدا عن الاضواء. ضحية أخرى بالأمس واسمه "أحمد قصارة"، مات قتلا بمركز الإيقاف بصفاقس. تقارير الدولة كالعادة تغطي على جرائمها. "أحمد قصارة" قتله العنف المؤسساتي والنظامي للدولة، قتله قانون الدولة وبوليس الدولة. وقضاء الدولة. العدالة والحقيقة لضحايا العنف البوليسي والقضائي مطلب الضحايا لن يسقط.
رغم الافلات من العقاب الذي يفرض بالقوة والقانون والقضاء معا. منذ انتفاضة الحوض المنجمي 2008 رفع شعار "الحكام في القصور وأبناء الشعب في السجون" ما يحدث أيضا ان أبناء الشعب في القبور حتى اليوم. هذه الدولة كانت ولازالت مضرة ومدمّرة لنا اكثر فأكثر رغم كل ألوان وزينة الانتقال الديمقراطي ورغم العرس الانتخابي ورغم الحملة التفسيرية الرئاسية التي لم تنتهي بعد.
منذ شهر جانفي 2021 تعرضت التحركات الاحتجاجية بالأحياء الشعبية لقمع بوليسي واعتقالات شملت أكثر من 1500 من الشباب والاطفال القصّر وما تبعه كل ذلك حملة قمعية استمرت لتشمل الردّ الأولي للدولة على احتجاجات قرية "أولاد جاب الله" بالمهدية في الأسبوعين الاولين لبداية احتجاجات الفلاحين الصغار.
اثناء كل ذلك استمرت الهجمة البوليسية ضد المحتجين الذين نزلوا للشارع، بل تعرض البعض لمداهمات بوليسية لمنازلهم واختطف البعض من الشارع على خلفية منشورات على الفايسبوك وتتبّعات على خلفية التهمة المفضلة لدولة البوليس منذ سنة 1913 تاريخ اصدار المجلة الجزائية وهي هضم جانب موظف عمومي ويتمّ غالبا فيها تحويل المحتجين او الرافضين لاعتداءات البوليس لمتهمين.
كل هذه الهجمة البوليسية تتواصل مع استمرار للتسلط البوليسي والقضائي في كل لحظة وبعيدا عن الأضواء وتمارسه الدولة بشكل مؤسساتي ونظامي وتكرس الافلات من العقاب بالقوة أو بالقانون أو بالقضاء أو بكل ذلك في نفس الوقت. كما تتواصل هذه الهجمة بغطاء سياسي توفره النخب السياسية المتصارعة على الصلاحيات داخل السلطة برؤوسها المتعددة.
وصراع على الظهور وتسجيل النقاط داخل هامش سلطة السلطة وهي لعبة اتقنتها المعارضة البرلمانية حيث يتصارع الديوك الحزبية داخل حلبة البرلمان. صراع على التواجد والظهور بدون أي مضمون. أفرغ السياسة من أي محتوى يخدم ضحايا هذا النظام، بينما يواصل النظام حربه الطبقية على واجهات مختلفة ضدّ ضحاياه.
لن ننسى …
ماناش مسامحين ومانسيناش، ومازلنا…
*علي الكنيس : متخصص في العلوم السياسية و خريج كلية الحقوق بتونس