احترف شاب مزحة السّباحة في النهر، ثم ينادي مستغيثا انه يغرق، فيهبّ الناس لإنقاذه، ولكنه يهزأ بهم. تكرر الامر ..واتفق انه ارتمي في النهر مرة، و أدركه الغرق حقّا. لم يهب اليه احد بعد فعلته التي فعل ظناّ منهم ان ألِف الكرّة. مات في النهاية، لا لأنه لا يجيد السّباحة، أو لم يجد للمروءة اهلا ،بل لأنه فقَد المصداقيّة.
عندما اعلن رئيس الدولة عن نية اغتياله في "حادثة الظرف المسموم" تتالت المكالمات الهاتفية من رؤساء العالم... ولكن جرس الهاتف لم يرنّ هذه المرة.... و "قَلّوا بابا علاش حَقْرونا ؟ قلّوا وليدي عَرفُونا"، لتعلن موزاييك عن اعتقال مُخطّط القتل اليوم" يعني مناش نفذلكو راهو "…
في اللّعب على المكشوف، احرق هتلر "الرايشتاغ" البرلمان الالماني سنة 1933حتى يتخلّص من الشيوعيين، ولكنه احرق معه الديمقراطية، وقصفت امريكا بارجتها الحربية بنفسها، فقتلت 37 من جنودها من اجل انتزاع تفويض من الكونغرس لدخول حرب الخليج الاولى 1980-1986 الى صفّ العراق ضد ايران، ونظّم عبد الناصر حادثة المنشية سنة 1954 (اوّل رئيس "سَجيع "في العالم يكمل خطابه بعد 8 رصاصات !! ) ثم هرّب منفّذيها الى البرازيل، ليصفّي بعدها الاخوان وتبدأ اخطر سردية دمّرت المنطقة.
وتنظم امريكا 11 سبتمبر لتغزو افغانستان في حرب بلا غاية "لقد ازعقنا الارواح من اجل كذبة" كما كتب الضّابط الامريكي "تيموثي كود". و عرض وزير خارجية "كولن باول" سلاح دمار شامل وهمي، لتحتل امريكا العراق 2003....ثم يعترف، بعد خراب البصرة انّ "ما قلته كان نقطة سوداء في حياتي".
شروط الحضارة عند الفيلسوف"مالك بن نبي" حسن التصرّف في الانسان والتراب والوقت. ولكن ما يقع اليوم هو اعادة انتاج شروط التخلف الحضاري من " النخبة" او النكبة العلمانية العربية، التي لم تجعل هدفها تحديث المجتمعات وتطويرها، بل اقصاء التيار الاسلامي وتصفيته ، انا اتحدث عن كل التيار المحافظ وليس حزبا سياسيا. لتكون الديمقراطية دوما ضحية الصراع معه، اذ كل ما يريده الانقلاب هو شيطان يرجمه، وهو ما انتبهت اليه الديبلوماسية السّوفياتية في حربها الباردة مع امريكا حين قال الروس للأمريكان :"انتم حطمتونا في توريطنا في حرب افغانستان، ونحن سنحرمكم من عدوّ لانكم لا تستطيعون العيش دونه ".
حُكمت المنطقة العربية، و تونس 60 عاما دون وجوده الاسلاميين ولكنها ظلت دولة متخلفة من العالم الثالث اي الاخير ، ترسف في المرتبة 80 في الفساد، كان فيه الشعب فأر تجارب اقتصادية وتعليمية ، قامت فيها 3 ثورات قُتل فيها سنة 1978، 400 شخصا رميا بالرّصاص بإحصاءات رسميّة (انظر ويكيبيديا)، و العشرات سنة 1984 في احداث الخبز ، ناهيك عن زمن بن علي الذي قتل فيه 90 تحت التعذيب و270 زمن الثورة ، هرّب فيها وحده 10"مليار يورو"اي ما يعادل 30 الف مليار تونسي، في حين ان دين البلاد لا يتجاوز 23 مليار دينار سنة 2010، حسب تقرير البنك الدولي (انظر العدد الاخير من صحيفة le point اوت 2021. )
نشر موقع "بْلومبرغ" تحقيقا ذكر فيه ان تاخير العودة للبرلمان يهدد بعدم اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ينجر عنه عدم سداد ديون تونس ووضعها على حافة الهاوية الاقتصادية بعد حافية الهاوية السياسية (القدس العربي23/8/2021). ولكن قطعا،لن يعود البرلمان يوم 28 اوت و سبتمبر مبدئيا ، فهو في عطلة بطبعه، وهو الوقت الذي يحتاجه الانقلاب للبحث عن تمويل يكون غطاء للبطش والجهر بالوجه الطّائفي ...إن نجح سيتقدّم، وان فشل بالعجز التجاري الذي بلغ 16مليار دينار في الاشهر السبع الاخيرة، سيعطي القوس باريها قبل ان ترتدّ الى نحره بعد ان يتّسع الفتق على الرتق. ولن يحسم أمر المعركة معسكر الثورة والثورة المضادة، بل الفاعلون الدوليون في بلد ألقى به الرئيس في الاشتباك الاقليمي و الدولي وتريده اسرائيل خرابا يبابا لنقل حريق المشرق الى المغرب العربي، وهي التي بدأت بحرائق الجزائر لفصل القبائل عن الدولة.
سؤال اخير : ان كان الانقلاب بطلب داخلي، فكيف نفس الاحتفاء المصري والاماراتي والسّعودي به، اذ تجاوز عدد المغردين الداعمين له من الخليج 72 %.؟؟؟ على الشّرفاء فرض راي عام ضد الانقلاب.
. يقول ﷺ: "عليكم بالصدق؛ فإنَّ الصدق يهدي إلى البر، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجلُ يصدق ويتحرّى الصدقَ حتى يُكتب عند الله صدّيقا".