تحملت اليوم حركة النهضة لوحدها تدهور الأوضاع في البلاد خلال العشرية الأخيرة رغم أنها لم تحكم سوى مرتين ( حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض ) وما تبقى اما شاركت فيه بتمثيلية ضعيفة أو لم تشارك أصلا، ولكن الاعلام سوق لاستئثارها بالحكم طيلة هذه المدة وهو يعلم جيدا أنها من جملة 8 حكومات كانت لها حكومتين فقط وتمت اطاحتهما بعمليات اغتيال ممنهجة واخراجهما من الحكم في المرتين،
وهذا التسويق المغلوط لتحميلها المسؤولية من قبل معارضيها أمر مشروع سياسيا ومعمول به في كل بلدان العالم اذ من يملك الاعلام والنفوذ والمال قادر على توجيه الرأي العام خاصة عندما يتعلق الأمر بشعب أغلبيته يصدق ما يقال له في البلاتوهات التلفزيونية الموجهة وبالتالي من السهل جدا تضليله وهو ما حصل فعلا يوم 25 جويلية حيث خرج البعض منددا بالاسلام السياسي وبحركة النهضة بالذات فصورهم الاعلام على أنهم أغلبية ليتدخل الرئيس ويعلن الخطر الداهم ويقدم على ما أقدم عليه.
وفي الحقيقة ليس هذا محور حديثنا فما حصل يوم 25 جويلية تتحمل مسؤوليته حركة النهضة التي ظلت صامتة أمام الاتهامات الموجهة لها والمسؤوليات المنسوبة اليها رغم أنها لم تحكم لوحدها قبل 25 جويلة وانما بمشاركة خمسة أحزاب استطاعت أن تتنصل من المسؤولية وتصطف الى جانب الرئيس الذي لم يعرها أي إهتمام وواصل في تجاهلها،
كما تتحمل مسؤوليتها في توافقها مع التجمعيين مباشرة بعد الثورة ووقوفها في وجه قانون العزل السياسي الذي يمنع التجمعيين من تقلد المناصب السياسية حتى لا تعود المنظومة الدكتاتورية من جديد الى الواجهة السياسية وهذا التوافق والتحالف بينها وبين بقايا التجمع من خلال تحالفها مع الباجي قايد السبسي – رغم أن ذلك كان نتيجة ضغوطات دولية - وتعيين محمد الغرياني مستشارا لرئيس البرلمان ورئيس الحركة شوهها أمام جزء من الشعب الذي آمن بالثورة ورأى في هذا التصرف خذلان لدماء الشهداء وهو ما تسبب في تراجع شعبيتها وعدد منخرطيها،
كما سمح عدم تمرير قانون العزل السياسي بعودة التجمعيين من خلال انتخابات 2019 وصعود الرادكاليين منهم الى سدة البرلمان والانطلاق في مخطط الاطاحة بالنهضة وبمؤسسة البرلمان والثأر من الثورة والمؤمنين بها، حتى أصبحت صورة البرلمان من خلال تلك المواقف التهريجية سيئة في نظر الشعب التونسي الذي أصبح جاهزا للوقوف الى جانب كل من يخلصهم منه ولو كان الشيطان، ولكن الملفت للانتباه أن حركة النهضة والتيار الاسلامي عموما هو من دفع كل الفاتورات رغم أن البرلمان مليء بالعديد من الأحزاب والكتل.