شريحة المتقاعدين بالمغرب من الجنسين وفي مجمل القطاعات تعد من أكثر شرائح المجتمع مظلومية ومعاناة وهم من تحملوا كل تلك السنوات عناءا فتدني رواتبهم وعدم شعورهم بأنهم مشمولون بالمواطنة الحقيقية وعوائلهم تعاني الفاقة والعوز والحرمان وكل أشكال القهر والإضطهاد والشعور بالغبن المجتمعي والحكومي غير المبرر بل يعد حرمانهم من حقوقهم تجاوزا على حرياتهم وحقوق الإنسان في أبسط صورها، ويدرك المتقاعدون خطورة أن تتاجر بعض الجهات(سياسية، نقابية)بمعاناتهم دون تطبيق حقيقي وفعلي لإصدار قوانين تنصفهم سريعا بإعادة النظر في رواتبهم حيث تتطلع عيون الآلاف منهم إلى إنصافهم فعلا هذه المرة كما يدركون خطورة أنه إذا لم تتم الزيادة في رواتبهم بطريقة ترفع الغبن وسنوات الحيف عنهم فإنه لن يتم إنصافهم وسيبقى المتقاعدون سلعة أو مادة للدعاية والترويج الدعائي تتاجر بهم أفواه السياسيين والنقابيين لأغراض كسب الرصيد الانتخابي، ويعد التلاعب بمشاعر تلك الشريحة وبمقدراتها جريمة إن لم يتم التعامل معها بسرعة ومسؤولية وضمير يضع حدا للتطاول على حقوقهم ما يعد تمييزا غير مبرر وغير مسؤول ونوعا من أنواع الكراهية والاقتصاص من شريحة مهمة في المجتمع والتجاوز على حقوقها الوظيفية بطريقة مخالفة للأنظمة وقوانين الأرض والسماء.
شريحة المتقاعدين في المغرب من الجنسين وفي مجمل القطاعات تتعرض لآلام تتجرعها في صمت وسنكتفي فقط بإيراد بعض المعطيات الصادمة ذلك أن الفئة العريضة من هذا الجسم الإداري المتقاعد معاشها لم يطرأ عليه تغيير منذ عشرين سنة والحال أن نسبة ارتفاع تكلفة العيش وأسعار المواد عرفت زيادة بنسب هندسية تكاد تصل إلى 500% وهي إشارة كافية لرصد مقدار الضائقة المادية والإجتماعية التي تعانيها هذه الفئة. والمفارقة التي يجب أن يستوعبها الجميع هي أن خطاب الحكومات المتعاقبة كان دوما يتوجه بسهام التهديدات إلى فئة المتقاعدين عامة متعللة بأن صناديق التقاعد أوشكت على الإفلاس أو قد نخرها النمل الأبيض حتى أضحى معاشه في الوقت الراهن محفوفا بعدة ظرفيات غامضة يتوصل به عبر سياجات من الأسلاك الشائكة تارة بالإدلاء بـشهادة الحياة وأخرى بحضوره الشخصي وكأن الحكومة باتت تنظر إليه متنكرة من وراء ستار ولسان حالها يقول (واش مازال عايش !؟)، كما أن الصندوق المغربي للتقاعد يتبجح كل مناسبة ببطاقة المتقاعد وهي في واقع الحال لا تمنح لحاملها حتى ولو شربة ماء في حين إن الدول التي تحترم نفسها والتي تعترف بحقوق هذه الفئة تمنحها بطاقة بامتيازات يسيل لها اللعاب عندنا من تخفيضات هائلة في التسوق والإستشفاء والتنقل والمنح المالية التي تصرفها له الدولة في والأعياد فضلا عن تمتيعه بحق الزيادة في المعاشات إسوة بالفئات النشطة في الأسلاك الإدارية وتشريفه بالحضور في كل المناسبات الرسمية.
شريحة المتقاعدين بالمغرب من الجنسين وفي مجمل القطاعات وبعد أن يئست من إيجاد مخرج لأزماتها فإنها بدأت تشعر أن بعض الجهات راحت تتاجر بقضيتهم وكأنهم سلعة للدعاية الإنتخابية وليست شريحة فيها من كل النخب والكفاءات المغربية التي خدمت الدولة وقدمت خلاصة عمرها وأفنت زهرة شبابها لتقدم لبلدها ما يرفع مقامه ويعلي شأنه، إلا أن الذين يتصدرون المشهد السياسي أغلبهم أسهموا سلبا في تحطيم معنويات هذه الشريحة بقوانين لم تنصفهم ولو لمرة واحدة لتحطم أحلامهم ولتقضي على آخر أمل بأن يتم إنصاف رواتبهم لترتقي إلى متطلبات المعيشة ولو في حدها المقبول وبوصولهم إلى هذا المنحدر المعيشي الخطير فهم ليسوا أقل شئنا من شرائح أخرى التي تسوى وضعيتها، فهم في كل مناسبة يثنون على كل الأصوات الشريفة من صحفيين وأصحاب الرأي للدعوات في الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى لتبني شعار إنصاف المتقاعدين بتسوية وضعيتهم مع أقرانهم الآخرين بطريقة عادلة ومنصفة.
شريحة المتقاعدين بالمغرب من الجنسين وفي مجمل القطاعات هي ليست مسألة فردية تخص المتقاعد نفسه وإنما هي مشكلة إجتماعية وإنسانية تخص المجتمع بأسره ولذلك تحتاج إلى المزيد من الإهتمام وذلك برعايتهم وتحسين أوضاعهم، فالمتقاعدون يتزايدون عاما بعد عام وتزداد مشكلاتهم الإجتماعية والإقتصادية والصحية والنفسية كلما تقدم بهم العمر وأصبحت رواتبهم التقاعدية لا تلبي مطالبهم الحياتية التي تتزايد بصورة مستمرة، فعلى الحكومة المغربية السير في رعاية هذه الشريحة والحيلولة دون وقوعها في براثن الفقر وتعميم الحماية الإجتماعية وإحاطتهم بسياج الأمان، وبالتالي لا بد من مراجعة القوانين والتشريعات الخاصة بالمسنين/المتقاعدين ووضع سياسة عمومية مندمجة تقوم على إحترام حقوقهم وصون كرامتهم واستفادتهم من تسهيلات خاصة في النقل وفي ولوج العلاج المجاني ووسائل الترفيه وبرامج الإستفادة من تجاربهم وخبراتهم المعرفية.