أو،في شتائم الرّأس ومدائح الذّيل
الأستاذ الجامعي الذي كان يحاضر في شُعب التجمّع الدّستوري الدّيمقراطي دون أن يتحمّل مسؤولية في هياكله هو مجرّد حالة انكشاريّة معرفيّة بالنّسبة إلى نظام بن علي رحمه الله وغفر له، لأنّه كان يعلب دور "الأداة/ الوسيلة" المعرفيّة لإضفاء مصداقيّة مزيّفة على النّظام. أمّا الوزراء فقد فكانوا أعوان النّظام ورموزه والمسؤولين على تنفيذ سياساته.
الحالة الأولى تتعلّق بأعوان الخفاء والظلّ الذين سخّروا معرفتهم لخدمة النّظام. أمّا الحالة الثانية فتتعلّق بمن كان واجهة النّظام. وهكذا يكون كلاهما ككليهما، إذ، لا فرق بين الواجهة التي تحظى بالوجاهة وتحمّل المسؤوليّة ونابضتها الخفيّة، لأنّهما متلازمتين في خدمته.
بل إنّ ما خفي كان أسوأ، لأنّه يعبّر عن توظيف للمعرفة في خدمة السّلطة مهما كانت فاسدة أو مستبدّة، ويكون الأمر أعظم سوءا عندما يوظّف "الجامعي المستنير" علمه، وكلّ ما أوتي منه – إن قليلا أو كثيرا – دفاعا عمّا لا يؤمن به، فيصبح عندها أشبه بحالة إذعان معرفي لخدمة السّلطان. وهنا تبدو المقامات أبلغ من ,المقالات في توصيف الوضعيات بالنّسبة إلى الإنكشاريين من أهل المعرفة وأسيادهم من أصحاب السّلطة، وفي تدقيق المواضع بالنّسبة إلى التبّع ومستتبعيهم.
لذلك فمن باب النّفاق وزيف الأخلاق صبّ حِمم الذمّ والشتائم على من كان مسؤولا في نظام الاستبداد وإغداق المديح والتّقريظ على من كان في خدمته من وراء السّتار، وظيفا لديه طيّعا بين يديه. لأنّ ذلك ليس سوى ترذيلا للرّأس وتمجيدا للذّيل.
شوي انسجام يهديكم ويجعل منكم. يزّي من السّكيزوفرينيا والسّكيزوفارينيا.