"تودّ الجمهورية التونسية أن يُعهد إلى البنك الفرنسي الخاص "ازارد " مهمّة التعاون كمستشار استراتيجي ومالي في صياغة وثيقة خطّة التنمية، وكذلك في اختيار وهيكلة البرامج الرئيسية وتعزيز دور المستثمرين ".
هذا جانب من نص العقد الذي أمضاه وزير تنمية الاستثمار والتعاون الدولي ياسين إبراهيم مع مؤسسة أجنبية بمبلغ 500،000 يوروأي أكثر من مليون دينار تونسي (مليار و100 مليون ).
هذه الوثيقة العار ظلت سرية حتى اليوم الجمعة ،أين قام النائب مهدي بن غربية بتسريبها والكشف عنها خلال جلسة الاستماع لوزير المالية..بن غربية ندّد بهذه الممارسة باعتبارها تمسّ من السيادة الوطنية وتقوّض مصداقية الدولة التونسية ومؤسساتها وسلطاتها.
لانّه بمقتضى هذا العقد يصبح بامكان أحد البنوك الأجنبية (الفرنسية) أن بلعب دور المنسّق بين الوزارات والإدارة التونسية ويتعهّد بهيكلة الخطة الخماسية للتنمية لدينا ويرتّب اولوياتها.
الوزيرالمصدوم من التسريب والذي كان يتحذلق ويمنّي البسطاء أثناء سكرة مابعد الانتخابات ببرامجه وتصوّرات حزبه الفذّة في انقاذ الاقتصاد (هاهي برامجهم الفذّة ) ادّعى انّ الأمر بصدد التشاور فقط والمهمة ستكون استشارية لا غير (الاستشارة في حد ذاتها تقتضي الإطلاع على " مصارن" الدولة ) مع العلم انه قد تم اختيار فريق الخبراء الأجانب بعد .
ما يزيد من السخط على هؤلاء الوزراء الذين لا نأمنهم على وزاراتنا وحكومتنا ودولتنا ، هو تضمّن العقد الفضيحة لهذا البند المهين : "تتعهد الحكومة التونسية بتوفير المعلومات التي تعتبر مفيدة للبنك ". والأسوأ من ذلك انّ العقد ذو طبيعة خاصة ويخضع للقانون الفرنسي …
مفزع وومعيب ما يحدث للبلد من قبل زمرة وزراء البورجوازية المتعفّنة المتفرنسة ..أراد الشعب ان يتحرّر وهم يشدّون وثاقه الى المستعمر الأجنبي …كل السخط والتنديد قد لا يجنّبنا نهاية تراجيدية فيها نقوم يوما من نومنا فنساق عبيدا على أرض وطن قد بيع..
تحية للنائب الذي فضح وندّد وان كان هذا من صميم واجب نائب الشعب ..الامر لا يجب ان يقف عند الفضح والتنديد بل وضع كل من تسوّل له نفسه استعمال سلطة الدولة للمسّ بسيادتها وكرامة شعبها موضع مساءلة وعقاب ..
المراحل الانتقالية وما يصاحبها من تدهور اقتصادي هي من اخطر المراحل التي تكون فيها البلدان متقهقرة تنمويا ومستباحة سياديا من قبل قوى الهيمنة الخارجية..