ما حصل اليوم في كلية الأداب بمنّوبة فضيحة أكاديميّة بأتمّ معنى الكلمة... اعتداء على أساتذة باحثين بتواطئ مفضوح من عميد الكليّة وتحريض من بعض الأساتذة (للأسف الشديد !) ومشاركة طلبة متأدلجين من جنس الهمج...
اقتحام لقاعة المحاضرات التي شهدت وقائع الندوة، حيث تمّ منعي بالقوّة من إكمال محاضرتي الافتتحاحيّة وكانت بعنوان: الإسلام السياسي: إشكاليّة المفهوم، تلاه اعتداء لفظي على المحاضرين والحضور بسبب حضور شخصية سياسيّة داخل القاعة مثله مثل أيّ مواطن عادي يريد أن يفهم ظاهرة الإسلام السياسي في تونس، وكانت محور الندوة... لست في حالة تسمح لي بمزيد التفصيل لأنّني ما زلت تحت هول الصدمة...
المهمّ أوقفت اشغال ندوة علميّة بسبب عمى إيديولوجي عند بعض المسؤولين وبعض الطلبة الجهّال، وحضر الصياح والشعارت السياسيّة الجوفاء بدل الحوار والمجادلة... سأنشر لاحقا تفاصيل هذا الاعتداء الصارخ، ولا يسعني إلاّ أن أترحّم على الحريّات الأكاديميّة وعلى حرمة جامعة كنّا نخالها ممحاة للجهل فأضحت تكرّس التخلّف وتدوس الفكر الحرّ بتواطئ من مسؤوليها،
ولا أستنثي من ذلك عميد الكليّة وهو المسؤول الأوّل عن حرمة قاعة المحاضرات ورئيسة الجامعة التي لم نسمع منها ركزاً ووزير التعليم العالي ما لم نسمع منه موقفاً واضحاً من هذه الغزوة الهمجيّة لحرم جامعي... اقرؤوا الفاتحة على الجامعة فقد أضحت مفرخة لإرعاب الباحثين وإسكاتهم ومقبرة لكلّ فكر حرّ... ولنا عودة.
رسالة أخيرة إلى الهمج…
يعرفني القاصي والداني بأنّني غير متأدلج ولا متحزّب، ولي أصدقاء كثر من اليمين واليسار ومن العروبيّين والاشتراكيين والإسلاميّين من شكري بلعيد رحمه الله إلى العجمي الوريمي وأحمد الصدّيق وغيرهم كثير... لذلك أسأل المعتدين الآثمين وعلى رأسهم عميد كليّة الآداب بمنوبة المتواطئ المدسوس على الجامعة وعلى البحث العلمي:
ما ضرّ لو قمتم بدل شتم الإسلام السياسي ومن يمثّله في هذا البلد بمحاولة فهم الظاهرة وتفكيكها قبل شتمها من خلال الحضور والاستماع لتحليل علمي رصين بشأنها… أليس الشتم والشجب والمعادة على بيّنة من أمر ما تشتمه أرقى من شتم وشجب شيء تجهله؟
تسبّون ما تجهلون، فتزيد غشاوة جهلكم بما تزعمون أنّكم تفهمون، وتدّعون التقدميّة وحبّ المعرفة؟
تبّاً لكم ولنظّاراتكم الإيديولوجيّة التي تحجب عنكم أنوار المعرفة وتكشف مدى جهلكم…
هل من وسيلة إعلام محترمة تجمعني بعميد كلّية كذّاب في مناظرة تكشف ملابسات الفضيحة العلميّة والاعتداء الغاشم الذي تعرّض له باحثون محترمون ؟
ليس لي في الجامعة ناقة أو جمل، فأنا باحث من خارج أسوارها، وما يدفعني إلى المشاركة في ندواتها هو حبّ المعرفة وإرادة ردّ دين لصرح علميّ ساهم في إزالة غشاوة الجهل عنّي… بعضهم سحرة دجّالون برتبة أكاديميّين !
ممّا يزيد في الغبن هو حضور عدد من السياسيّين ومن بينهم حمّة الهمّامي وزهير المغزاوي وسامية عبّو وغيرهم مناقشة أطروحة دكتوراه قبل بضعة أشهر في نفس القاعة، ولم نر إلّا كلّ ترحيب من قبل الجميع وبالخصوص من عميد الكليّة الذي غاب اليوم عن افتتاح الندوة وأعطى أوامره للعملة بعدم تصوير وقائعها من أجل التوثيق كما جرت به العادة وغادر مكتبه حين استنجدنا به لكي لا يحضر إلاّ بعد انتهاء الغزوة !
أحمّل العميد شخصيا مسؤوليّة اللوثة التي أصابت الكليّة المؤتمن عليها… وهو شريك في مؤامرة ضدّ الفكر الحرّ، وأطالب وسائل الإعلام بالاهتمام بهذا الأمر الجلل الذي أصاب جامعتنا وتجلية الموقف الرسمي من هذا الاعتداء… لو حدّثتكم عمّا يحدث معي في محاضراتي في الجامعة الأمريكيّة في بيروت لطأطأتم الرؤوس خجلاً ممّا يحدث في جامعتنا… رحم الله أيّام العميد المحترم شكري المبخوت !