طبيعة التعاطي الإعلامي مع الحزب الدستوري الحر..و أساسا رئيسته هو أمر مثير للاستغراب وللاحتقار ..صدقا لا تملك الا ان يلهج لسانك ببذيء القول امام هذه الوقاحة الفجة،حين تحضر رئيسة هذا الحزب يبتلع الإعلاميون ألسنتهم..يصمتون تماما بل لا يحركون ساكنا أمامها وهي تصول وتجول..تقول ما يحلو لها..لا يكترث محاوروها لمصداقية ما تقول..
كل ما يملكونه أمامها هو تمتمة وهمس لا يسمعه المشاهدون..حتى الأسئلة لا تطرح عليها..يصبح الأمر أشبه بخطاب أمام أفواه مغلقة وألواح خشبية لا تملك إلا أن تنصت..وحتى حين تطرح الأسئلة فإنها تكون في إطار مزيد تأجيج الهيجان المسعور لرئيسة هذا الحزب ودفعها نحو إذكاء نبرتها العدائية..أمامها هي فقط يتحول إعلاميونا العظماء إلى أصنام وحين يجرؤ أحدهم على انتقاد رعونتهم وانعدام مهنيتهم المفضوحة ينهالون عليه لوما وعتابا متحججين بموضوعيتهم المزعومة ودروسهم البالية التي تلقوها على مدارج الخواء الأكاديمي..
التعاطي الاعلامي مع هذا الحزب ورئيسته يجب أن يمثل السؤال الحقيقي الذي يطرح باستمرار على كل من يستضيفها..هل المشهد الإعلامي مخترق إلى هذا الحد؟ ألا يخجل بعض الإعلاميين من أنفسهم حين يتحولون إلى حمل وديع أمامها؟
بمقارنة بسيطة بين التعاطي الإعلامي مع هذا الحزب..والتعاطي الإعلامي مع بقية الأحزاب، خاصة تلك التي في صراع مع هذه الفاشية ستدرك أن بعض إعلاميينا باعوا ضمائرهم في سوق النخاسة..لماذا هذا الارتعاش والخوف أمامها؟ لماذا التذلل والاستكانة؟ ألا يعتريكم بعض الخجل؟ ألا تحسون بخدش في الكبرياء حين تتحولون إلى اقماع تصغي وتتذلل؟ ألا تحسون بأنكم مثيرون للغثيان والازدراء؟ أين شرف المهنة المزعوم والموضوعية التي تصدعون بها رؤوسنا كلما صارحكم أحد بحجم رداءتكم..
ألا تحسون أنكم قد تكونون من حيث تعلمون أو لا تعلمون أداة احتراب وتحريض حين تسكتون أمام كم المغالطات الذي تروج له هذه المرأة؟ طبعا لن أطلب منكم استحضار الثورة التي حولتكم إلى نجوم في الشاشات فنحن نعلم أن الثورة لا تعني لكم شيئا بل ربما تكون حرمتكم بعض فتات كان يجود به ولي نعمتكم..فقط فقط ما أطلبه منكم أن تحترموا ذواتكم لأن ما تفعلونه أو ما تفعله هي بكم حين تحاوركم مهين جدا..فهو يحولكم من مجرد أغبياء يتكلمون في الشأن العام إلى أغبياء مهانين وأذلاء..
صدقوني مهما كان الثمن الذي تقبضونه لقاء هذه الإهانة لكم ولألقابكم كصحفيين فهو زهيد جدا..أما إن كنتم لا تقبضون شيئا فهنا مشكلة أكبر فهذا يعني أنكم ورغم كل التذلل والخدمات الجليلة التي تقدمونها يبقى نصيبكم الإهانة فقط وهو ما يضعكم في خانة العبيد..
إلى كل إعلامي احترم نفسه..إلى كل إعلامي آمن حقا بشرف المهنة..إلى كل صحفي أثبت أن عقيدته الصحفية مسألة إيمان وشرف وليست هرطقة كاذبة..إلى كل صحفي احترم نفسه واحترم مشاهديه..كل التحية والتقدير..صدقا إن القابض على المبدأ كالقابض على الجمر..يكفيك فخرا أن اسمك لم يدون في قائمة الأذلاء والمهانين أمام الملأ..
أما البقية فهم يعلمون أن تأثيرهم قد انتهى وأن بضاعتهم فسدت وأنهم أعجز من أن يغيروا شيئا..نعم قد يدفعوننا للتقيؤ أحيانا قد يجعلوننا نشعر بالغثيان ولكننا لن نكفر أبدا بمناخ ديمقراطي حاولوا تخريبه وتلويثه ولن نلعن الثورة التي تحمل عذابات وآهات كانوا بارتزاقهم وخيانتهم يصمون الآذان أمامها..
أمام كل الإحباط والاختناق المزروع على تلك الأرض المضطهدة وعلى ذلك الشعب المقهور هناك بعض فرح يأبى إلا أن يتسلل ويداعب الروح وهو أن الثورة أسقطت تأثيركم على وعي الناس بحكم الانفجار الرقمي والتواصلي وانفضاح حجم الكذب الذي تمارسونه..أما صندوق الاقتراع فقد أسقط سراويلكم وجعلكم مفضوحين ومحتقرين أكثر فأكثر..
شكرا للثورة وشكرا للديمقراطية..هذا الطريق سنكمله..مهما كانت الأثمان..مهما كانت الظروف..مهما كانت المعارك..بصعوبتها،بآلامها،بجراحها، بكآبتها،بخصوم ليسوا جديرين بالمواجهة..لنا في تلك الأرض أحلام "ولن نتوب عن أحلامنا مهما تكرر انكسارها" .
لكل غاضب من هذه الرداءة،لكل غاضب من هذه الكآبة والصحراء التي تحيط بنا..حافظ على ذاك الغضب ففي يوم من الأيام سنحتاج ذاك الغضب..هؤلاء الحمقى يريدوننا أن نكون راديكاليين أكثر في المرة القادمة..