لنتفق من البداية، الشيء الوحيد الذي يضمن للإنسان عدم الإصابة بوباء الكوفيد-19 هو عدم التقاطع مع الفيروس المتسبب فيه والشيء الوحيد الذي يضمن أكبر احتمال بعدم التقاطع مع الفيروس هو بقاء الشخص في منزله رفقة أفراد عائلته الأصحاء وخروجه إلى الشارع محميا فقط للأسباب الضرورية. هذا ما يوفّره الحجر الصحّي الشامل فقط ولا توفّر مثله كل الإجراءات الأخرى بمعرفتنا بالسياقات الحالية وبواقع شعبنا.
الحجر الصحي الشامل هو الآلية الأكبر والأنجع لكسر حلقات العدوى داخل المجتمع، لا أحد من الأطباء ومن علماء الوبائيات يمكنه أن يجادل في هذا.
كل الجدل حول الحجر الصحي الشامل من عدمه ينحصر أساسًا في التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي يتسبب فيها هذا الحجر.
نشر صندوق النقد الدولي هذا الشهر دراسة حول الكلفة الاقتصادية للحجر الصحي الشامل (الرابط في التعليق الأول) وخلص إلى نتيجة أولية تقترح أن كلفته على المدى المتوسط أقــــــــــــــــــــــلّ من كلفة الإجراءات الأخرى التي تترك للفيروس أكثر حرية للانتشار متسببة بذلك في تباعد اجتماعي يشبه الحجر الطوعي دون أن تكون له نفس مردودية الحجر المنظم من ناحية الحد من انتشار الفيروس وهو ما يتسبب في ضرر إقتصادي أكبر، يطول ويستمر ما دامت العدوى متواصلة داخل المجتمع (الصورة).
إذا سلّمنا بهذين المعطيين، ما الذي يجعل بعض الأطباء وراسمي السياسات العامة في البلاد يتمادون في رفض الحجر الصحي الشامل وفي نعت المنادين به بكل الأوصاف المهينة؟
كفى مكابرة، كل حججكم الانطباعية تهاوت كما تتهاوى أوراق هذا الخريف الحزين!