ليست لدينا في تونس ثقافة الاعتراف بالخطأ…

Photo

رغم عدم تحملي لأي مسؤولية قيادية لا في حزب العمال ولا في الجبهة الشعبية في الخمس سنوات الأخيرة فإني أعتبر نفسي فشلت في توحيد حزب العمال وفي توحيد الجبهة ولو كنت أتحمل مسؤولية قيادية لكنت استقلت منها واعتذرت لقواعد الحزب ولقواعد الجبهة لأني أعتبر القيادي الصحيح هو الذي يعترف بخطئه وبفشله ويستقيل عند الضرورة ليترك مكانه لغيره...

لا أريد أن أعطي الدروس لأحد لكني أريد لفت الانتباه إلى ضرورة محاربة سياسة تبرير الفشل وعدم تحميل المسؤولية لأصحابها بدءً من القيادات العليا أفرادا وأحزابا... لو أن ما حصل في الجبهة حصل في حزب بريطاني أو أمريكي لبادر المسؤول الأول عن الجبهة إلى الاعتراف بفشله في توحيد الجبهة بعد أن فشل في توحيد حزبه وإلى تقديم اعتذاراته لقواعد الجبهة والإعلان عن استقالته وفتح باب الترشحات لخلافته…

للأسف ليست لدينا في تونس ثقافة الاعتراف بالخطأ ومازلنا نعتبر الاستقالة انتحارا أو إعداما للشخصيات الحزبية والسياسية وهذه الثقافة ورثناها عن الحكم الفردي وعقلية الحزب الواحد والزعيم الواحد الأحد…

بعد استقالة 9 نواب من كتلة الجبهة الشعبية أين تتجه الأوضاع؟

قدم اليوم 9 نواب ينتمون لكتلة الجبهة الشعبية استقالتهم من الكتلة. ورغم أن هذه الاستقالة لن تصبح نافذة إلا بعد خمسة أيام في صورة عدم التراجع عنها فإن كل المؤشرات تؤكد أن حبل التواصل قد انقطع بين ما تبقى في مجلس الأمناء الذي يسيطر عليه حزب العمال وبين النواب المستقيلين الذين أغلبهم من الوطد الموحد…

وتعتبر استقالة أحمد الصديق من رئاسة كتلة الجبهة الشعبية في نفس الوقت الذي قدم فيه النواب استقالتهم أول رد من مجلس الأمناء على هذه الاستقالة بما يعني أن هذا المجلس سوف لن يستجيب لمطالب هؤلاء النواب وسوف يواصل في نفس السياسة التي يرفضها النواب وعدد كبير من الجبهويين، وهي سياسة يعتبرها المعارضون لهذا النهج سياسة إقصائية وبيروقراطية…

ومن الواضح أن هذه الاستقالات مرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة والتي بدأ الخلاف فيها يظهر حول مرشح الجبهة للانتخابات الرئاسية ثم احتدت الخلافات بعد البدء في اقتسام الدوائر الانتخابية على أساس المحاصصة الحزبية...

لكن لا يمكن حصر الخلاف في هذا الجانب فقط لأن المشاكل التي تعاني منها الجبهة هي مشاكل هيكلية تتمثل أساسا في إدارة الشأن الجبهوي بطريقة بيروقراطية وفوقية ضيقة حتى أصبحت كل الصلاحيات محصورة في مجلس الأمناء الذي عوّض المجلس المركزي بعد الانسحابات الكبيرة منه وأغلبها انسحابات احتجاجية... وحتى مجلس الأمناء فقد انحصرت صلاحياته في شخص الناطق الرسمي وبعض المقربين منه.

ومن خلال المؤشرات الأولية وخاصة إعلان رئيس كتلة الجبهة استقالته من رئاسة الكتلة فإن مجلس الأمناء يبدو أنه اتخذ قراره النهائي بضرورة الحسم النهائي مع هؤلاء النواب وذلك بقبول استقالتهم الجماعية وتحميلهم مسؤولية هذه الاستقالة وما قد ينجر عنها وتعويضهم في الانتخابات المقبلة بترشحات أخرى في الدوائر الانتخابية التي يمثلونها والتي ستكون بطبيعة الحال بمثابة الترضيات للمساندين لنهجه البيروقراطي والتصفوي.

وسوف يتزامن ذلك مع تنظيم حملات إعلامية لتشويههم مثلما حصل مع المعارضين في حزب العمال خاصة أن من يهندسون السياسة العامة لمجلس الأمناء هم أنفسهم من هندسوا المؤتمر الأخير لحزب العمال والذي أدى إلى انقسام الحزب واعتبار العشرات من مناضليه بين مطرودين ومجمدين برفع شعار "الحزب يقوى بتطهير نفسه من العناصر الانتهازية" هذا الشعار الذي دمرت به البيروقراطية التصفوية حزب العمال هو نفسه الذي يقع رفعه الآن لتدمير الجبهة…

وكنت قد نشرت البارحة خارطة طريق للخروج من الأزمة رغم يقيني أنه يصعب تحقيقها... لكن الأمل يبقى قائما خاصة إذا تم استنهاض القواعد الجبهوية في وجه البيروقراطية التصفوية وإجبارها على التنحي:

خارطة طريق لإنقاذ الجبهة الشعبية

1 - حلّ مجلس الأمناء

2 - تشكيل قيادة مؤقتة تتكون من ممثلين عن الأحزاب ومن المستقلين بشرط أن يلتزم كتابيا كل عضو في هذه القيادة المؤقتة بعدم الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة. وتكون مهام هذه القيادة كالآتي:


أ - تنظيم انتخابات داخلية على مستوى الدوائر الانتخابية لانتخاب ممثلي الجبهة في الانتخابات التشريعية القادمة.

ب - تنظيم استفتاء جبهوي لاختيار مرشح الجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية.

ج - التحضير لعقد مؤتمر وطني للجبهة الشعبية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات