عاد صباح أمس بحارة جرجيس إلى منازلهم، دون أن يبحروا لصيد السّمك كما هي عادتهم. فقد عمرت السّفن الحربية شواطئهم، وقوارب الصّيد وسفن الحرب، لا يمكن أن يجمعهما خليج واحد، أو مساحة بحرية واحدة.
إلقاء نظرة سريعة على منطقتنا، في غرب البحر المتوسّط، تؤكّد أنّ الأجواء غائمة حاليا، ولعلّها تتهيّأ لعاصفة يبدو أنّها ستشمل منطقة المغرب العربي كاملة مع جنوب أوربا، وليس ليبيا وحدها. فالجزائر أيضا مهمّة، نظرا لثروتها البترولية الهائلة. وتوليد داعش هناك، أو الإعلان عنها، ليس صعبا.
هكذا أفهم الوضع، وفي هذا الإطار أفهم الحذر الأوربي في تناول ملف اللاجئين، والتمديد في حالة الطوارئ في فرنسا، وكذلك الزيارات التي يقوم بها القادة السياسيون في المنطقة، ورفض حكومتي تونس والجزائر للتدخل العسكري في ليبيا، فبلادهما ستكون وقود معركة، خطرها يحدق بالجميع.
كل هذا، ليس معزولا عن تطورات المشهدين السوري والعراقي، وكذلك اليمني. وكل ذلك، يشكّل صورة لواقع متقلّب جدا. وواقع جديد، سيأخذ وقتا ليتشكّل وتتّضح صورته. منذ سنة 2011، قالوا إنّهم لن يتركوا القوى الوطنية المؤمنة بالتغيير، تعمل، وأنّهم سيشوّشون عليها ويربكوها، بل يجعلوا حالة اللااستقرار، هي القاعدة، إلى أن ينهكوا قواها ويبدّدوا قوّتها.
في هذا الوضع، مازال البعض في تونس، يسوّق لفلان أو علاّن، كرئيس دولة، أو رئيس حكومة أفضل! ومازال البعض يبجث عن الموقع الأنسب، ليصنّف زعيما ليس لبلائه وعطائه، ولكن للأسف، بحثاعن غنيمة، ولو كانت مغموسة في دماء الأبرياء.
أزعم أنّ التعمّق في فهم الوضع، وفي كيفية تجنّب الأسوأ، هي الأولى بالبحث في مؤتمر النّهضة، الذي يراودني شكّ كبير في انعقاده أصلا. إنّها سفن الحرب التي أرست في ميناء جرجيس، تمنع قوارب الصيد من الإبحار، وتمنع صيادي السمك في جرجيس، من العمل، دون أن يصدر قرار رسميّ بذلك.
فهل من متبصّر؟