حولت السياسة في تونس عند أهل الكياسة إلى مجموعة عروض فلكلورية تحت عنوان بسط النفوذ وفض لشراكة بين " قيس سعيد " و قاطن القصبة " هشام المشيشي". هذا الأخير الذي يحيل عامة الناس إلى قصة سيدنا موسى عليه السلام، عندما قطع الجذع الذي يربطه بفرعون بعد أن إشتد غصن جسده. فجعل و كرس الغيوم و الرياح العاصفة تحوم حول قصره، إلى أن أغرقه...
ذالك القصر الملكي الذي ترعرع و فتي داخله و أحتضنه بمباركة من الفرعون نفسه و أقتبس فيه صورة الإبن بإعاز من زوجته آسيا فسبح في دعة العيش و رخاء الملوك ( لفترة محدودة ) قبل أن يثور سيد الأنبياء على الفرعون و دأب و أختار الإنصياع و الإنقلاب على من إحتضنه و أكرمه داخل بيته ( بفضل أو بسبب..) رسالة سماوية أسبابها ( منطقية أو شعبوية... ) بما أن مقصدها نشر السلام الذي لم و لن نتحسس طريقه إلى الآن و أبدا.......
من جهة أخرى تحصل هشام المشيشي على منصب وهبه له قيس سعيد ثم تنكر له، يجعلني أبحث و أسترق النظر إلى الماضي المتوسط لتاريخ البلاد التونسية و يستدعي في ذاكرتي ذالك الغلام مصطفى بن إسماعيل الذي قطع بالسيف و النار و الحديد دون رحمة الأيادي التي جعلت منه وزيرا أكبر للإيالة التونسية و هو في سن 28 سنة.
الغلام إبن اليهودية بعد أن كان يلتقط أعقاب السجائر من أمام الحانات في ساحة البورصة ( باب بحر اليوم ) إلتقطه الوزير الأكبر مصطفى خزندار و أدخله إلى السرايا من أجل حمايته و الرفع من شأنه و قدم له فرصة للبروز من خلال تسميته ( ڨايد ) للوطن القبلي ( والي ). ففتق ذهنه قصد الإيقاع بمصطفى خزندار و سعى جاهدا لبث الدسائس و الحيل و المداهنات على مسامع الصادق باي إلى أن وصل إلى مراده فتم عزل مصطفى خزندار سنة 1873 و جعله يموت كالكلاب وحيدا في الحلفوين سنة 1878 و نكر و قحط جميل رجل كان عامل محوري في إشراقه محليا و خارجيا.... لينهال و ينكب بعد ذالك إلى الإيقاع بمن ساعده في التخلص من مصطفى خزندار ألا وهو خير الدين باشا و كان له ما أراد فعزله و نفاه و تربع على العرش و باع البلاد "تيودو روسطان" سفير فرنسا في 1881.
مصطفى بن إسماعيل دخل في ليلة من الليالي الحمراء لفراش الباي و كان لا يمتلك شيئ إلا مؤخرته فخرج صباحا يمتلك تونس.... ) إننا اليوم نعيش في عروض فلكلورية و تعريف المسرح الفلكلوري هو إعادة تجسيد التاريخ بما فيها العادات و التقاليد إذن نحن نجتر و نتقدم نحو الماضي)....