ما عندي حتّى أمل في إقناع الناس الّي شغلهم الشاغل تبرير كلّ فرمانات السلطان سعيّد، ولا أيّ استعداد للنقاشات الفايسبوكية العقيمة. هذا ردّ بسيط على الحجج الي يروجولها في علاقة بمرسوم هيئة الانتخابات، موجّه فقط للناس الي ممكن تسقط ضحيّة الماكينة التبريرية :
- "الرئيس يعيّن 3 فقط من أصل 7، وفي الأربعة الباقين، المرسوم الجديد فصل بين جهة الاقتراح وجهة التعيين وهي ضمانة استقلالية" :
لا، الرئيس يعيّن كلّ الأعضاء، والفصل بين جهة الاقتراح وجهة التعيين ما عندو حتى قيمة كي تكون "جهة الاقتراح" نفسها خاضعة لجهة التعيين. المجلس الأعلى للقضاء (الي يقترح القضاة الثلاثة) والمركز الوطني للاعلامية، الزوز خاضعين تماما قانونيا وواقعيا للسلطان. ماناش في الوضعية متع الهايكا (المرسوم 116 لسنة 2011)، وين الاقتراح يجي من هيئات مهنيّة مستقلّة عن السلطة. الصورة واضحة للي يحب يشوفها : سعيّد يحتكر تعيين أعضاء الايزي.
- "الرئيس لا يمكن له إعفاء الأعضاء من دون مبادرة من مجلس الهيئة أو من رئيسها ». صحيح. لكن هذه الضمانة قيمتها تضعف برشا لما يحتكر الرئيس تعيين كلّ الأعضاء، وخاصّة، اختيار رئيس الهيئة.
النقيصة الأكبر في قانون الايزي كانت انتخاب رئيسها من البرلمان بأغلبية ال109، الشي الي فتح الباب للمحاصصة، وخاصة، خلق مشاكل متكررة بين رئيس الهيئة ومجلسها (على اختلافهم). الأجدر كان ترك مجلس الهيئة ينتخب رئيسها، وهكا يكون فما انسجام بين الأغلبية داخل المجلس والرئيس (هذا رأيي من سنوات وكان الموضوع هذا بالذات من أول مقالاتي في المفكّرة القانونية). لكن السلطان سعيّد، بما انو الانتقال إلى "ديمقراطية حقيقية" يقتضي تدمير كل المكتسبات دون المساس بالمساوء (طبعا مع جلب مفاسد جديدة)، أسند لنفسه صلاحية تعيين رئيس الهيئة.
- "الايزي من قبل ما كانتش مستقلة، ما تغيّر شي ما دمنا تعدينا من ايزي البرلمان/الأحزاب إلى ايزي الرئيس"
لا يمكن المقارنة بين التعيين من قبل شخص واحد، وبين الانتخاب من برلمان تعددّي بأغلبية الثلثين. انو البرلمان سلطة والرئيس سلطة، ما يعنيش ان الاستقلالية مفقودة في الحالتين. في البرلمان، يلزم 145 نائب يتفقو، معناها يلزم توافق برشا أحزاب، بما فيها المعارضة (على الأقلّ هذا الي صار في « العشرية السوداء »)، لانتخاب الأعضاء. الطريقة هذي تقصي المرشحين الي ولاءهم واضح، وتخلي التوافق يصير على غيرهم.
نمشيو أبعد : حتى لو صارت محاصصة وكل طرف دعم مرشح بعينه لأنه أقرب له، يبقى الانتخاب بأغلبية الثلثين غير قابل للمقارنة مع التعيين، لأن المنتخبين ما يمثلوش طرف سياسي واحد ولا حتى 2. وحتى لو سلمنا جدلا أن الأعضاء، رغم الي تشرحو بمفردهم (مش كيما في المحكمة الدستورية وين الكتل هي الي ترشح)، حتى لو سلمنا أنهم « تابعين » أحزاب معيّنة، فانو الهيئة الي تابعة برشا أحزاب ماهي تابعة حدّ. في جميع الحالات، بعاد برشا على منطق التعيين من قبل فرد واحد. حتى اذا سلمنا أن نبيل بفون "تابع" النهضة، بفون نفسه كان أقلي داخل مجلس الهيئة.
دايور، العركة السياسية كانت تصير في انتخاب الرئيس (109) أكثر برشا من انتخاب الأعضاء (145)، مش فقط نظرا لدور الرئيس، وإنما أيضا لأن ال109 أسهل برشا من ال145، وبالتالي تفتح مجال لاتفاق ضيّق متع زوز أو 3 كتل.
- "الهيئة المستقلة تفرجت على كل تجاوزات الاحزاب، من لوبيينغ وتمويل اجنبي ومال فاسد وما عملت شي، وبالتالي حتى الانتخابات السابقة كانت مزورة"
الخطاب هذا مش جديد، ونسمعو فيه من انتخابات 2011. وموقفي منو ما تغيرش، سواء تعلق الامر بالعريضة الشعبية او النهضة او قلب تونس. دعوة الايزي الى تغيير النتائج الانتخابية لعب بالنار. ارادة الناخب مقدسة، ما تتمس الا في حالات قصوى. تقريبا كل ما الايزي اسقطت مقاعد الا والمحكمة الادارية رجعتها. علاش ؟
لانو ارادة الناخبين مسألة حساسة جدا. هل هذا يعني انو نتفرجو على التجاوزات؟ لا. عوض التركيز على الفترة الانتخابية، وتحميل الايزي المسؤوليات الكل، الحل هو في تنقية المناخ السياسي خارج الفترة الانتخابية، في تطبيق القانون على وسائل الاعلام والجمعيات الي تخدم لصالح احزاب، في تشديد الرقابة على مالية الاحزاب واتخاذ العقوبات اللازمة، وخاصة توفير تمويل عمومي للحياة السياسية كيما معظم الديمقراطيات، للتقليص من سطوة المال الاجنبي و"المال الفاسد". هذا الكل مش دور الايزي، وخاصة يصير على الدوام، مش نهار الانتخابات.
رغم التجاوزات الكل، تبقى الانتخابات التونسية، سواء في 2011 أو 2014 أو 2019، انتخابات ديمقراطية، افرزت نتائج عبرت عن ارادة الناخبين (حتى اذا ما عجبتناش).يكفي انها سمحت لمرشح مستقل وما عندوش فلوس بش يربح رئيس حكومة وماكينات اعلامية وحزبية، قبل ما يقرر اللاعب المغمور انها فاسدة وقامت على "تزوير العقول" ويستعمل القوة المسلحة بش يهرب بالكورة ويبدل قوانين اللعبة كيما يشتهي ويقرر شكون يلعب وشكون ما يلعبش ويزيد يعيّن هو نفسه طاقم التحكيم.