رسالة أولى لكل "حاكم" ولكل سياسي، تقول له أحسن القيادة، وأحسن اختيار اعضادك، وتواضع إذا دان لك المُلك، وتذكّر أنه "يؤتي المُلك من يشاء، وينزعه ممن يشاء" وأن الايام دولٌ، "نُداولُها بين الناس"... تخلّى على راشد الغنوشي أهم أعضاده، وتمّ استنزافه وحركته في "غرم" الحُكم، فتحمّل وزره و"لبس" كل ما تراكم من أخطاء العشر سنوات....
ورسالة ثانية تقول، أغلق فمك إذا لم يكن لديك ما تُضيف، وتذكّر رسالة العظيم الجاحظ في المفاضلة بين الصمت والكلام " الصمت في موضعه ربما كان أنفع من الإبلاغ بالمنطق في موضعه، وعند إصابة فرصته. وذاك صمتك عند من يعلم أنك لم تصمت عنه عيًّا ولا رهبة. فليزدك في الصمت رغبة ما ترى من كثرة فضائح المتكلمين في غير الفرص، وهذر من أطلق لسانه بغير حاجة"... فليس على المشتغل في السياسة أن يقول ما يشاء، بل ما يجب أن يُقال،
ورسالة ثالثة تقول إن مدار الفعل السياسي هو السلطة والحكم وليس أمرا آخر. جوهر الصراع هو السلطة اي الثروة، وكل الشعارات والمقولات والخطابة ليست غير "غلاف" خطابي تتزي به وتُخاتل المتقبّل وتتحيّل عليه،
ورسالة رابعة تقول أننا مازلنا في طور القبيلة، يستفزّنا الدّمُ وتُحرّكُنا الثارات والاحقادُ والرغائب المتوحّشة…
ورسالة خامسة تقول ان كل سلطة مطلقة هي مفسدة مطلقة…
ورسالة سادسة اللي عندو شهوة يعملها في عشاه، فقد أحال خصوم الغنوشي الرجل على عشرات القضايا كل حسب هواه، والصحيح عند "الفرقة الامنية" والنيابة، ولا نعرف عنه شيئا، وقد يعود إلى بيته فرحا مسرورا.... أو يبيت ليلته كئيبا مهزوما....
ورسائل اخرى كثيرة...
أهمّها ....
أن الحديث على دولة عصرية... ديمقراطية تقوم على احترام حقوق الإنسان، وقرينة البراءة والقضاء المستقل والامن الجمهوري مجرد أحلام بعيدة... فنحن شعوب الثأر والضغينة بالضغينة والحقد بالحقد والحجر بالحجر والعين بالعين....
من "موتوا بغيظكم... وصفر فاصل و أين كنتم" التي بُني عليها "الانتقال الديمقراطي" لم نخرج... ويدفع الغنوشي اليوم ثمن ذلك... وهو مثل خصومه يتغذون من بعضهم البعض…
الغنوشي في أضعف حالاته القيادية، وحركة النهضة في أضعف حالاتها التنظيمية والسياسية، ومشروع "الإسلام السياسي" يفقد زخمه قرنا بعد تأسيسه، حالة جزر عامة، ذلك منطق التاريخ وتلك لغة المصالح، ومثل هذا السلوك سيمنح "الشيخ" وجماعته "جرعة اكسيجين"…