لقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأول وثيقة حقوقية دولية تمثل فهما مشتركا للبشرية حول شكل العالم المأمول بعد الحرب العالمية الثانية حيث يقول الإعلان المؤلف من 30 مادة في مادته الأولى:(يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وُهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء)، ويحتفي العالم باليوم بالذكرى 76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي إعتمدته الجمعية العامة للأمم سنة 1948 وهي نفس السنة التي سقطت فيها حقوق الشعب الفلسطيني رسميا لحساب إعلان عن قيام دولة كيان غير شرعي في قلب الوطن العربي.
10 دجنبر 2024 يسقط فيه عن أبسط حقوق الإنسان أمام ما يشهده العالم اليوم من جرائم بشعة ومجازر مروعة وحرب إبادة جماعية يتعرض لها الفلسطينيون في غزة الجريحة ويوم يستحي فيه أحرار العالم والشرفاء من ذكر الحقوق والإنسانية أمام إدعاءات الغرب على مدى القرنين الماضيين وإفتخارهم بالديمقراطية والإنسانية ديمقراطيات غربية تساوي بين الجلاد والضحية وتبرر لمغتصبي الأرض والإنسانية التقتيل والتنكيل والتهجير، ديمقراطيات تعتبر المقاومة إرهابا وتستخدم حق النقض (الفيتوvéto ) لوقف عدوان أعمى ومحرقة وهولوكوست Holocauste لا يفرق بين رضيع وصبي أو إمرأة أو مسن أو طواقم طبية ولا يفرق بين مأوى أو مستشفى أو مدرسة ويعتبرهم أهدافا شرعية لقنابله وصواريخه دون أدنى إهتمام لقرارات أممية أو محكمة الجنايات الدولية أو رأيٍ عالميٍ غاضب خرج بالملايين عبر كبرى العواصم للتنديد بالإبادة الجماعية لسكان غزة.
10 دجنبر 2024 تناقلت فيه مئات الحسابات على مواقع التواصل منشور الأكاديمي اللبناني الأستاذ القانون الدولي بالجامعة اللبنانية البروفسور "كميل حبيب" الذي عكس خيبة أمل كبيرة في إمكانية تطبيق آليات العدالة الدولية بفلسطين في ظل الإنحياز الدولي الغربي الكبير لصالح الإحتلال الإسرائيلي، وكان قد نشر على حسابه بمنصة إكس بدايات هذه الحرب على غزة إعتذارا موجها لطلابه حول ما وصفه بالتشدد في تدريسهم مقررات القانون الدولي قائلا: (أعتذر من طلابي لأنني كنت متشددا في تدريس مقررات القانون الدولي القانون الدولي الإنساني، منظمة الأمم المتحدة، فبعد الجرائم الصهيونية لم يعد هناك حاجة لتدريس هذه المقررات، فحق القوة سيد العالم) ، فالحرب الصهيونية على غزة قد أفرغت مصادر العدالة الدولية من مضمونها وفي قدرة المنظمات الدولية الراعية للقانون الدولي على الإنتصار للحق الفلسطيني وأن القانون الدولي يتم تجييره لصالح القوى الكبرى بعد مرور 76 عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
10 دجنبر 2024 ينعقد إحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد فشل لمجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار للمطالبة بوقف إطلاق النار بسبب حق النقض الفيتو véto الذي مارسته الولايات المتحدة حيث تسبب التدخل الأميركي المعتاد لصالح الإحتلال عبر عقود طويلة في إفلات إسرائيل من العقاب وإفشال تطبيق مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما نتج عنه من آليات قانونية دولية لمنع إنتهاكات حقوق الإنسان، فالفيتو véto الأميركي مثّل على الدوام تراجعا لتطبيقات القانون الدولي ويطرح القوة كبديل لآليات العدالة الدولية والقانون الدولي الإنساني يخضع لإزدواجية المعايير وفلسطين مثال صارخ على ذلك في ظل وجود فجوة بين الشعار والتطبيق، ويأتي هذا في وقتٍ تُمارس فيه واحدة من أفظع عمليات الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي في ظل غطاء دولي وإنتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني.