رئيسة وزراء نيوزلندا زعيمة شابة لحزب العمال في بلد ذي حجم سكاني محدود ويتموقع جغرافيا على هامش القارات وسياسيا على هامش مراكز القرار العالمي، لكن حادث الإعتداء الإرهابي والعنصري الدموي الأخير دفع بها إلى صدارة الأحداث العالمية كما جعلت منها مواقفها النبيلة مثالا و قدوة للبشرية كافة.
هذه المرأة الرائعة أعطت درسا بمواقفها المتعاطفة مع مسلمي بلدها ومن ورائهم مسلمي العالم وبالكيفية التي تصرفت بها من حضور صلاة الميت وهي محجبة، وإستشهادها بحديث نبوي يؤكد على معنى التضامن والوحدة في المصائب،
هذه المرأة التي جمعت بين التربية الدينية البروتستانتية والقيم الإجتماعية والليبرالية معا ومساندة الكادحين المهمشين والأقليات المختلفة بما فيها المثليون-إنما أعطت بمسلكها المثالي درسا للمتطرفين في جميع أنحاء العالم، ومنهم متطرفو تونس، في إحترام الإنسان والمواطن:
-درس للمتطرفين بإسم الدين ممن يريدون فرض معتقدهم على البشرية قاطبة ويكفرون المخالف لهم، تتصور كل جماعة منهم أنها أمة بأسرها وتدعي أنها مؤتمنة على الرسالة المحمدية لتمارس الإرهاب الأعمى بدلا من الكلمة الطيبة وتقدم عن الإسلام نفس الصورة المنفرة التي يروجها أعداؤه.
-ودرس أيضا للمتطرفين في مخاصمتهم للدين، يرفعون شعارات حرية الضمير وحرية التعبير بإسم الحداثة أو التقدم أو كونية حقوق الإنسان أو الدولة المدنية، ولكنهم يريدون أن تكون الحرية حكرا عليهم فيرفضون حقوق المختلفين معهم من المتدينين والمحافظين، ويتنكرون للتقاليد وللرموز الثقافية الدينية جميعها معتبرين إياها، عن جهالة منهم، عنوان تخلف ومؤشر إستيلاب أو وعي خاطئ.
الزعيمة النيوزلندية أعطت درسا لجميع هؤلاء في جمعها بين الحس الديني الرفيع والحس المدني الراقي وحب الخير للبشرية كافة.
كل الإحترام لهذه المرأة التي نرجو أن لا تبقى إستثناء وأن تكون قدوة للجميع بما في ذلك المرأة الحداثية التقدمية والمرأة المحافظة الإسلامية عندنا.