ما حصل في كلية منوبة أمر مشين و مثير للحيرة. ندوة علمية حول موضوع الإسلام السياسي في تونس يتم إفسادها والإعتداء بالعنف على بعض من حضرها تحت مبرر كونهم من قيادات النهضة علما بأن الندوة مفتوحة ومن حق أي تونسي أن يحضرها ويبدي رأيه.
إذا كان المعتدون تصرفوا بوصفهم من الإتحاد العام لطلبة تونس فإنهم إرتكبوا خرقا فادحا لمبدإ الحرية في عمومه وحرية النشاط العلمي بشكل خاص. وبوصفي ممن شاركوا في حركة فيفري 1972 وإعتقلوا لأجل ذلك، أقول أن ما جرى لا يشرف هذه المنظمة الراسخة في النضال من أجل الحرية. وإن كانوا تصرفوا بوصفهم ينتمون لتيار إيديولوجي وسياسي معين فإن النزعة الإقصائية والإستئصالية لم تجلب لتونس سوى المصائب.
أما بوصفي أحد الباحثين المدعوين للمشاركة في هذا الملتقى فأذكر بأن الحركات الإيديولوجية والسياسية على إختلافها تحتاج إلى الدراسة، والندوة اللتي وقع الإعتداء على المشاركين فيها كانت ستشكل خطوة إضافية في تقدم الإنتاج العلمي ذي الصلة بمبحث الإسلام السياسي من خلال مقاربات الباحثين المهتمين بالموضوع.
فكيف نبرر إفساد نشاط أكاديمي من قبل طلبة يفترض فيهم الإقبال على المعرفة ؟ والغريب أيضا تهليل البعض لما حدث، ومن بينهم جامعيون، بتعلات غريبة. فهل أن إعتبار كلية منوبة معقلا للعقلانية يبرر مساندة أفعال غير عقلانية ؟ أم هي عودة للخطاب النوفمبري حول الصدام بين أنوار العقلانية وجحافل الظلامية ؟
تقديري أن ما حصل هو تعبيرة من تعبيرات الفوضى التي ما إنفكت تونس تغرق فيها. وبعد ما شهدناه من تعطيل للإنتاج المادي وما جره من خسائر ها نحن نضيف إليه تعطيل الإنتاج العلمي والفكري. فإلى أين نحن سائرون ؟