إنّ من يعتبر أنّ سبب تراجع إمارات البترودولار عن دعم نداء تونس هو إخلال هذا "الحزب" بما تعهّد به من استئصال النهضة وإقصائها عن الفعل السياسي، هو شخص يمارس الدعاية المجانية لنداء تونس من حيث يظن أنه يهاجم هذا الحزب/العصابة(فهو يفترض"وطنية" هذا الحزب الذي "ضحّى " بالدعم في سبيل السلم الأهلية ، وهو يفترض أيضا قدرة هذا الكيان المافيوزي على معارضة إرادة داعميه الخليجيين أو "مثالية" هؤلاء كي يكتفوا في انتقامهم بتجميد الاستثمارات أو برفض إعطاء فيزا لبعض عملائهم في قيادة هذا الحزب،
كما أنّ من يُروّج (بدون قصد)"للضريبة الخليجية" التي ينبغي على نداء تونس دفعها مقابل"وطنيته"، يعطي لدول "بول البعير" حجما إقليميا يتجاوز حجمها الحقيقي باعتبارها مجرد "بنوك" لتمويل حروب المركز الغربي واستراتيجيات توسّعه العنيفة والناعمة على حد سواء ولم يوجد في هذا المركز ما يمكن اعتباره رغبة جادة في تَونسة السيناريو المصري-لعدة اعتبارات جيو-استراتيجية-، وهو ما كان يمكن وقوعه-لو كانت هناك إرادة دولية وقدرة محلية لدى الانقلابيين بقيادة نداء تونس - بعد الانقلاب المصري مباشرة وهيمنة "الإخوانوفوبيا"، لا بعد أن أثبت الانقلاب المصري فشله اقتصاديا وحقوقيا وسياسيا رغم كل ادعاءاته لقلب نظام الحكم الشرعي). ماذا يعني هذا بالضبط؟( إنه يعني بكل بساطة ثلاثة امور يجب الانتباه اليما عند التعامل مع بعض التحاليل السياسية للعلاقة المتأزمة بين النداء والخليجيين
: (1- نداء تونس ليس قادرا على الإخلال بتعهداته تجاه من نفخوا فيه الروح بأموالهم وإعلامهم ومخابراتهم، و"خرافة" العقاب الخليجي الذي يتعرض له هذا الحزب الهجين (تلك الخرافة التي تولّى كبرها الصحفي سفيان بن فرحات)، ليست إلا حبل نجاة أريد له أن يُخرج الفشل وانعدام الكفاءة في شكل "التضحية" (فشل مرتبط بالسياسات الأمنية وبمناخ الاستثمار وببنية السلطة وليس مرتبطا بأي إخلال تجاه المموّل الخليجي.
(2- دول الخليج ليست إلا وكيلا "كبيرا" للمركز الغربي، وهي قد تتحالف او قد تتصارع (من منطلق مصالحا الداخلية المتضاربة) ولكنها "جميعا" (بلا استثناء لأي دويلة بما ذلك قطر) تلعب دورا إقليميا محددا ولا يمكنها الخروج عنه(في اطار تقاسم الأدوار المروض على كل الدول التابعة الفاقدة لمقومات السيادة الوطنية)، وهو دور تحدده لها القوى الدولية التي لم تكن تريد أبدا تونسة السيناريو المصري نظرا لكلفته الباهضة على الاقتصاد الأروبي وكذلك نظرا لمخاطر اللا استقرار في تونس على التجارة العالمية وعلى الوضع في دول الجوار الإقليمي(خاصة الجزائر(.
( 3-المتحكم الحقيقي في المسار الانتقالي (بارتكاساته وانتكاساته وبعض مكاسبه الشكلية وغير الراسخة) هو المركز الغربي، ولذلك يجب النظر الى تغير الموقف الإماراتي لا باعتباره موقفا"انتقاميا" مستقلا، بل باعتباره مظهرا لتعديل جزئي في استراتيجيات الفاعلين الدوليين الذين يتحكمون في الوكلاء الخليجيينوالذين أعطوهم الضوء الأخض لتمويل الانقلاب المصري لكنهم لم يسمحوا لهم بتونسته رغم رغباتهم المكشوفة لفعل ذلك) ابحثوا _عن_ارادة_السادة_ودعكم_من_الوكلاء(…