ما الغاية من الإنقلاب العسكري في تركيا ؟

Photo

لا ينكر أحد ما تحقق لتركيا من تقدم مذهل على جميع المستويات ، فهي التي في أقلّ من عقد من الزمن من حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أوردغان قفزت إلى مرتبة متقدمة في النمو الإقتصادي والإجتماعي والعسكري وصارت قوة لها ثقلها في المعادلة السياسية الإقليمية والدولية ومن الملاحظ للجميع أن ما أكسب ميزة خاصة لهذه القوة هي تمسكها بهويتها الإسلامية المناسبة للشخصية التركية ولطبيعة تركيبها الإجتماعي والتي أفردتها بإستقلالية عن كل تبعية لأي جهة محورية محددة .

إن الأرقام المستقاة من جدول تطور الناتج المحلي للتنمية بتركيا يبرز صعودا مبهرا لمدى تطور البنى المؤسسة للدولة من ناحية الإنتاج والمعرفة والتقدم الإجتماعي وهو مؤشر يدلّل بجدية على أن تركيا تزحف بإستراتجية ممهنجة نحو إعتلاء أرفع الدرجات في سلم جدول التقدم العالمي على أن هذا التطور المنجز لم يكن ليحصل لولا المسار الديمقراطي الذي أمّن الإستمرار في الإزدهار وحفظ الإستقرار السياسي وإحترام الشرعية من كل هزّة أو إنتكاسة والوفاء بكل صرامة لإرادة الشعب وخياراته…

في ضوء كل هذه المكاسب ، يكون سؤال : ما الغاية من الإنقلاب العسكري في تركيا ؟

سؤال عبثي لا معنى له من زاوية الدراسة الجدية العقلانية الموضوعية لإستفهاماته وضمنيات الموضوعات التي ينطوي عليها لكن من زاوية المسألة الأخلاقية فإن السؤال يصبح له قدر من الأهمية لأنه بكل ببساطة يكشف عن عصابة عسكر خونة فقدت الإحساس بالوطنية والتفكير بمصلحة الأمن القومي التركي وباعت همتها لجهات داخلية وخارجية تناصب تركيا العداء وتكنّ لحزب العدالة والتنمية رائد المرتبة العليا التي بلغتها البلاد في الإزدهار والتقدم والمعرفة كل الكراهية والحقد الإيديولوجي …

الجهات التي حركت هذه الذيول معلومة لدى القاصي والداني وحتى إن لم تطفو على سطح الأحداث مباشرة فهي ضالعة بشكل من الأشكال في هذه المؤامرة الدنيئة وتدبير الإنقلاب الجبان والتحقيق وحده كفيل بالكشف عن كل المورطين من الداخل والخارج ..

ما يمكن إستخلاصه من صمود الدولة التركية في وجه الإنقلابين هي الهبة الشعبية التي لبّت نداء الشرعية وقامت على بكرة ابيها رافضة للإنقلاب ومناصرة للديمقراطية ومطاردة لجموع العسكر الخونة في كل شبر من ارض تركيا الموحدة وهي كذلك حادثة ستدعم سلطة أردوغان وتزيد من قوة نفوذه في القضاء النهائي على كل نية وارد في حسابها القيام بخيانة كما أنها في ذات الوقت رسالة بليغة إلى كل الذين بتربصون بالمسار الديمقراطي لإسقاطه بأن جنوحهم نحو ذلك ما هو إلا مجازفة ميؤوس منها وأن الرغبة الجامحة التي تجتاحوهم للإطاحة بالشرعية خاصة إذا كان بأيادي ذات نزعة إسلامية ستظل مكبوتة في صدور أصحابها إلى حدّ الموت بغيظهم ولن تنال أبدا خيار الشعوب وإستقلال قرارها الوطني .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات