8 أشهر من المعاناة والمكابدة

Photo

ثماني أشهر ، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، يلفح جلودهم هجير الصيف ويجمّد الدماء في عروقهم قرّ الشتاء ..هم مرابطين مدة ذلك الزمان في إعتصام باردو والقصبة لا يبغون شيئا سوى أنهم يكونوا مواطنين كبقية التونسين في دولة الجمهورية الثانية ..يريدون الحصول على كرامتهم لأنه لا كرامة بدول شغل ..

هؤلاء الذين مضى أكثر عمرهم دون أن ينعوموا لحظة ولو بشعور سريع أنهم من أبناء هذا الوطن بل كانوا طيلة العهد البائد منبوذين تتفادى كل مكونات المجتمع وفعالية التواصل معهم واليوم بعد ثورة الحرية والكرامة وبعد نيلهم للعفو التشريعي العام الذي من المفترض أن يدمجهم آليا في الدورة الحياتية للمجتمع ، يجدون أنفسهم في ذات النقطة الأولى لم يتقدموا خطوة واحدة إلى الأمام..فدولة الثورة التي قامت من أجل إحتضان الجميع وإنصاف كل المظلومين من إنتهاكات النظام السابق ، تتلكأ في تميتيعهم بحقهم في الشغل الذي كفله الدستور وتتنصل من أداء واجباتها في إستكمال مهامها القانونية .

وبعد ماراطون لقاءات وجلسات ومحاورات مع تشكيلات الدولة والمجتمع المدني المعنية بالموضوع الذي أصطبغ كالعادة بإجراءات التسويف والمماطلة وبعدما عيل صبرهم من الوعود الكاذبة ، أظطُرّ هؤلاء "المعذّبون في الأرض" في الدخول أمام مقر هيئة الحقيقة والكرامة في نضال "الأمعاء الخاوية" لعلّ دولة الثورة تستشعر فداحة ما ترتكبه لا في حقهم من جرم بل في حق أسرهم وأبنائهم الذين حُرموا أن يعيشوا قيمة المواطنة بكل دلالاتها المجتمعية بل الأنكى من ذلك أنهم أهملوا وجرحوا في شرفهم وعملوا على أساس أنهم متسولين وتجار نضال …

ما كان ينبغي لدولة الحرية والعدالة والمواطنة أن تسيئ معاملة جزءا من شعبها وهي التي قامت وجوبا من أجل رفع المظالم وردّ الإعتبار لمن إغتصب حقه وإنتهكت كرامته وأستبيح شرفه...ولكن مع ذلك مازال أمام الدولة فرصة لتكفر عن ذنبها وتصلح خطأها بأن تعجّل في تسوية وضعية هؤلاء المعتصمين وتفعّل كل متطلبات العفو التشريعي العام حتى يشعر كل مواطن أنه جزء من هذا الوطن وأن هذا الوطن جزء منه .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات