القــــــانـــــون الذي لا يــطــــبـــــق على الجــــمـــــــيــــــــــع ويُــــســــتـــــثـــــــنى مــنــــــه أحــــد يجـــــب أن لا يُــحـــترم !

Photo

أنتم تصنعون آلاف تشي غيفارا وليس كل غيفارا، غيفارا.

لافتة مخجلة وقع رفعها من طرف أقلية من جمهور الاتحاد الرياضي بتطاوين في المقابلة التي جمعته بالنادي البنزرتي. اللافتة نزعها العقلاء بسرعة ولم ترفع إلا لمدة قصيرة جدا. سارعت هيئة الاتحاد بالاعتذار من الفريق الضيف ومن كل أهلنا في بنزرت ونددّت بالأقلية المنفلتة التي لا تمثل لا الاتحاد ولا الجهة وحلّت مباشرة هيئة أحباء الفريق لعدم قدرتها على تأطير الجمهور.

أجزم أن هذا القرار الأخير لا يقدر على فعله 99.99% من هيئات الفرق الرياضية بالبلاد. بالتوازي، ومنذ علموا برفع اللافتة، رد كل محبي الاتحاد وكل أبناء الجهة بكل حزم ونددوا وتبرؤوا واعتذروا.

في المقابل، اجتمعت اليوم اللجنة الوطنية للتأديب والروح الرياضية التابعة للجامعة التونسية لكرة القدم وماذا فرّرت ؟ قرّرت معاقبة الاتحاد بحرمان جمهوره من حضور مقابلاته لمدة سنة كاملة. نعم ســــنــــــــــة كـــــامــــــاــــــة، 12 شهرا !

لست خبيرا في القانون الرياضي ولا علم لي بسلم العقوبات في قانون الجامعة لكن ما أعلمه أن هذه سابقة لم تشهدها تونس عبر تاريخها الرياضي بل أظن أنها سابقة لم يشهدها أي بلد في العالم تقام فيه مقابلات كرة القدم.

ما أعلمه أيضا أن لافتات أشنع وأكثر عنفا وفظاظة وسماجة وسفاهة وأكثر قبحا ورذالة وخسة وحقارة وابتذالا ودنائة وأكثر جهوية وعنصرية وتفرقة وتعصبا رُفعت في ملاعب عدة من البلاد عبر التاريخ وحتى أثناء هذا الموسم الرياضي ولم تحرك جامعة المركز العمراني الشمالي بالعاصمة ساكنا.

ما أعلمه أيضا أن بعض أهازيج جماهير الملاعب التي سمعها المشاهد والمستمع وسمعها أعضاء جامعة المركز العمراني الشمالي بالعاصمة، تقطر عنفا وابتذالا وجهوية ومع ذلك لم تُعاقب هاته الجماهير ولا فرقها. أعلم أيضا أن أرواحا مسالمة أزهقت على مدارج بعض الملاعب ولم يكن هناك عقاب يُذكر. أعلم أيضا أن مسؤولين رياضيين قاموا بتصريحات مشينة وعنيفة وبذيئة وعنصرية في وسائل الإعلام وقاموا بحركات مخجلة وفظة ومنافية للأخلاق في الملاعب وأعضاء جامعة المركز العمراني الشمالي بالعاصمة لم يروا مانعا في مواصلة جلوس هؤلاء على كراسي الاحتياط في ملاعب الجمهورية.

اللافتة مخجلة، لا جدال في هذا وقد يقول البعض أنه لا بد من عقاب مثالي حتى وإن تغاضت الجامعة عن ذلك سابقا وقد أتفق مع هذا القول لكن هل أن الجامعة الموقرة أطلقت حكمها لهاته الغاية البيداغوجية أم لأن الفريق إسمه اتحاد تطاوين، فريق لا لوبيات له ولا جماهير مؤلفة له يخاف من ردة فعلها مرتادو جامعة المركز العمراني الشمالي بالعاصمة ؟

هل أن الجامعة فهمت روح القانون، إن كان هناك نص قانوني يفسر حكمها أصلا، وهل قدّرت سياق وحيثيات ما حدث أم أنها قررت وحكمت فقط لأن الفريق إسمه اتحاد تطاوين ؟ هل أن الجامعة مقتنعة بتمشيها البيداغوجي وهل أنها، وإن تغافلت سابقا، ستعامل بالمثل في وضعيات مماثلة عندما يكون الفريق إسمه النادي الافريقي أو الترجي الرياضي أو النجم الساحلي أو النادي الصفاقسي أو حتى النادي البنزرتي أم لأن الفريق الذي عاقبوه ليكون عبرة إسمه الاتحاد الرياضي بتطاوين ؟

أضع يدي في النار أنها لن تفعل وأنها ستجد التكييفات المناسبة لعدم اتخاذ إجراء يشبه الإجراء الذي اتخذه أعضاؤها اليوم... قد تقولون أنني أحكم على النوايا، وهو كذلك. تونس صغيرة ونحن نعرف بعضنا جيّدا ونعرف الكواليس ونعرف الجالسين على مقاعد جامعة المركز العمراني الشمالي…

من يريد أن يكفّر عن تقاعسه السابق الذي أوصل الوضع إلى ما هو عليه ويريد أن يعاقب للعبرة لا ينتقي "ضحيته" من الحلقة الأضعف ويتغافل عن القوي الذي معه فقط تتأكد جدية "المكفّر عن ذنبه" ومعه تتحقق العبرة.

الظلم يؤذن بخراب العمران ولا أظن أن وكلاء جامعة المركز العمراني الشمالي يهمّهم العمران أصلا ! يا لسخرية الصدف ويا لبذائة اللحظة !

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات