أسمحوا لي أن أخاطبكم ليس فقط بصفتكم الرّسميّة وهي الأولى في الاعتبار، وإنّما كذلك بصفتيْن أُخرييْنِ، الأولى هي التّجربة التي جمعتنا وعديد الإخوة والأخَوات صُلب الحزب الجمهوري وخاصّة صُلب اللّجنة السياسيّة العُليا لهذا الحزب.
ولمن لا يعرف من قارئِي هذه الرّسالة فإنّ هذه التّسمية اُستُلفت من الحزب النّاشئ الذي أَسّسْتُموه مع رفاقكم، وذلك عندما انفتح الحزب الدّيمقراطي التقدّمي على الأحزاب التي ظهرت بُعيد الثّورة والكفاءات المُتطلّعة للانخراط في الشّأن السياسي بعد زوال كابوس القمع، وكانت التّسمية الجديدة "حلاًّ" للمشكل الذي افتعلهُ حزب آفاق تونس حول خطر "الابتلاع" المزعوم للتّنظيمات الجديدة من قبل التّقدّمي.
لقد عملنا مع بعضنا لفترة من الزّمن في مناخ من الجدّية والاحترام المتبادل إلى أن قرّرتم ذات يوم المغادرة إلى قطار آخر. لم يحصل بيننا في الجمهوري أيّ شيء يُعكّر صَفوَ العلاقات إلى أن أَشهرَ الباجي قائد السّبسي، مؤسّس حزب النّداء، الحربَ على الجمهوري بسبب اعتراضه على نزعته الانفراديّة بل التّسلّطيّة في قيادة ائتلاف الاتّحاد من أجل تونس.
استخدم زعيم النّداء كلّ الأسلحة التي بحوزته من شبكة تجمّعيّة ودولة عميقة وعلاقات بأوساط رجال المال والأعمال، وانحياز لبعض القنوات التّلفزيّة، ومُلوّحًا لمئات الإطارات التي كانت التحقت بالجمهوري بأنّ قطاره هو الذي سيربح السّباق ويحقّق لهم أحلامهم، ولأنّكم نزّهتم أنفسكم في تلك اللّحظة عن الطّرق التخريبيّة والتّصرّفات الاستفزازيّة التي قامت بها أطراف أخرى عند خروجها من الجمهوري، فقد احتفظنا عنكم بذكرى طيّبة.
أمّا الصّفة الثّانية التي أتوجّه بها إليكم فهي -مهما قال القائلون- قرابتكم بشخصين أكنّ لهما احترامًا كبيرًا، عَنيتُ المناضل حسيب بن عمّار الذي عملت معه كمحرّر في جريدة "الرّأي" منذ انطلاقتها وأخته المناضلة راضية الحدّاد رحمهما اللّه. كان سي حسيب قد استقبلني بترحاب وقبلً بأن يضمّني إلى أسرة التّحرير رغم ما أعلمته به من أنّي خرجت للتوّ من السّجن بسبب انتمائي لتنظيم ماركسي، فكان موقفه المثالي درسًا في الإنسانيّة وفي الانفتاح على الآخر، وهو ما لم يَفْقَهًهُ رفاقي الذين تركتهم في سجن برج الرّومي وكان ردّ فعلهم انتقاد مبادرتي بالكتابة في "صحيفة بورجوازيّة" !
وبنفس المناسبة تعرّفت على الفقيدة راضية الحدّاد التي أهدتني نسخة من الطّبعة الأولى لكتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع". وهذا ما يُعطي فكرة عن الوسط الذي تربّيتم فيه وإن كان لا يُعطيكم أيّ شرعيّة وراثيّة.
لكلّ ما سبق كان لديّ استعدادا لحُسن التّعاطي مع ما تمثّلونه وتقترحونه رغمًا عن التّحفّظات التي شاركت فيها إخواني في الحزب الجمهوري بخصوص طريقة تكليفكم برئاسة الحكومة. في تلك اللّحظة من بداية تردّي الوضع الاقتصادي، ورغم ما شهدته انتخابات 2014 من استخدام المال الفاسد وعقد الصّفقات السّياسيّة التي لا تخدم سوى الأحزاب التي أقدمَت عليها.
بقيَ أملٌ وحيد، وضعيف في الحقيقة، بأن تفعل حكومة الصّيد شيئاً مَا من أجل تونس، بيْدَ أنّ تعاطيها كان كارثيّا، وإحجامها بيّنًا عن فعل أيّ شيء يُزعجُ راحة المهرّبين والمتهرّبين والفاسدين، ويُتيحُ للدّولة جمع الموارد اللاّزمة لتمويل برامج التّنمية. حتّى الفساد الذي أصبح أخطبوطًا يلتفّ على دواليب الاقتصاد والإدارة أعلن الصّيد عجزه عن مواجهته، مُصرّحًا بأنّ "الحرب على الفساد أصعب من الحرب على الإرهاب" ليُبرّر تقاعس حكومته والمنظومة التي ينتمي إليها عن أداءِ الواجب إزاءهُ. ولم يكن هذا التصرّف غريبا عن الأزمة السّياسيّة التي دخلت فيها هذه المنظومة بانصراف الأحزاب المُشكّلة لها إلى صراعاتها وما أدّى إليه تصدّع حزب النّداء من تعطّل آليات اتّخاذ القرار صُلب الحكومة وغلبةُ الانتظاريّة والتردّد.
ولقد كنّا نقدّر في الحزب الجمهوري أنّ المخاطر التي ينطوي عليها وضع كذاك تدعو إلى المطالبة بحلول تُنقذُ البلاد عندما جاء قرار الباجي قائد السّبسي بالتّخلّي عن الصّيد والدّفع باتّجاه تكوين حكومة وحدة وطنيّة على أرضيّة توافق وطني واسع جسّدته وثيقة قرطاج الأولى. من المعروف أن أحزاب المعارضة الثلاثة التي دُعيت للتّشاور في الأمر، ومنها الحزب الجمهوري، لم تكن مُرتاحة قطُّ للأسلوب الذي أدار به رئيس الدّولة الأمور.
فبينما كان من المطلوب التّباحث في مواصفات رئيس الحكومة الوطنيّة قبل اقتراح الشّخصيّات التي تتوفّر فيها، بادَر قائد السّبسي بطرح اسم يوسف الشّاهد واضعًا أحزاب المعارضة أمام الأمر المقضيّ لتفَاهمٍ كان قد حَصَلَ بعدُ بينه وبين رؤساء النّهضة والوطني الحرّ ورئيسة منظّمة الأعراف والأمين العامّ لاتّحاد الشّغل.
ورغم الامتعاض الشّديد من هذه الطّريقة في إدارة الشّأن الوطني، وكذلك التّخوّف من يأتي قائد السّبسي برئيس حكومة طيّع، فقد قبلنَا بالتّواجد في حكومتك حتّى لا نكون من المعطّلين، وآليْنا على أنفسنا مُساندة الحكومة في ما تقوم به لصالح البلاد ونقدها فيما هو تقصير. وبدأ أملنا يتحقّق عندما بادرتم بفتح المعركة ضدّ الفساد، مَا رأيناه استجابة لمطلب مركزي رفعناه وأبرزناه في ماي 2014 بقصر المؤتمرات.
ووعيًا منّا بضرورة التّفاعل الايجابي، وأثناء إعداد قانون الماليّة لسنة 2018، قدّمنا لحكومتكم ملاحظاتنا حول وثيقة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي في أُفق 2020، كما ناقشنا مضمونها مع مبعوثيكم إلى الحزب وعبّرنا عنها في آخر اجتماع حضرناه مع الموقّعين على وثيقة قرطاج، قبل أن تجعلنا ضغوطات حافظ قائد السّبسي على ممثّلنا بحكومتكم وموقفِكُم السّلبي من ذلك في حلٍّ من ذلك الإطار. واسمحوا لي أن أذكّركم بأهمّ ما جاء في الردّ على برنامجكُم في النّقاط التّالية:
- إنّ ترشيد تدخّل الدّولة عبر مؤسّساتها وأجهزتها المختلفة يشكّل ضرورة حيويّة لإنقاذ حظوظ النموّ وبقاء المؤسّسات الحكوميّة وهي عماد المنظومة الاقتصادية والاجتماعيّة، لكنّ هذه العقلنَة التي تُطالب بها المؤسسات الماليّة الدّوليّة لا ينبغي أن تتحوّل من عِلاج مُوجع لا محالة، تفرضهُ مصلحة البلاد إلى نزعة ليبيراليّة منفلتة. وعليه فإنّ تفهّمنا لدوافع المقترحات الحكوميّة التي ركّزت على معالجة انخرام التوازنات الماليّة وعجز المؤسّسات العمومسة والصّناديق الاجتماعيّة لا يمنعنا من تسجيل مآخذ قويّة ومواطن اختلاف تتّصل خاصّة بقضايا العدالة الجبائيّة والتّجارة الدّاخليّة والخارجيّة والتّنمية الجهويّة.
- أنّنَا لا نَرى وجاهة في السّكوت عن إصرار قطاعات المهن الحرّة أو المهن غير التّجاريّة كما يسمّيها البعض، على مواصلة التّنصّل من واجبها الجبائي منذ أن استسلمت حكومة مزالي سنة 1983 لضغوطها. فالتّونسيّون المنتمون لهذه الأسلاك من أطبّاء الممارسة الحرّة والمحامين والمستشارين الجبائيّين والمهندسين المعماريّين والخبراء المحاسبين، مَدينون للمجموعة الوطنيّة التي علّمتهم وأنفقت عليهم حتّى وصلوا إلى ما هم فيه من رخَاء، علمًا بأنّهم يكلّفون المواطنين فواتير باهضة لقاء خدماتهم، وعليهم بالتالي أداء واجبهم الوطني والمواطني بدَلَ التّذرّع بمبرّرات واهية. وبالمقابل طالبنا الحكومة بتحديث المنظومة الجبائيّة وإصلاحها والتّخفيض في نسب الضّريبة على الشّركات المنتجة للخيرات، والتحوّل من النّظام التقديري إلى النظام الاختياري بالنّسبة للمستقلّين، وإخضاع القطاع الموازي للرّقابة الجبائيّة، والقيام بانتدابات جديدة لتعزيز سلك أعوان المراقبة الجبائيّة (500 مراقب على الأقلّ).
- ودعمًا لمجهود الدّولة في تعبئة الموارد وإخضاع حركة الأموال للقانون دَعوْنَا إلى تغيير العُملة كإجراء يسمح للدّولة باستخلاص ما هو حقّ لها ويضمن الشّفافيّة في المعاملات الماليّة.
- في مجال التّنمية الجهويّة، لا حظنا غياب الحديث عنها في الوثيقة التي ركّزت بشكلٍ مفرط على التّوازنات الماليّة وخصّتها بتسمية الإصلاحات الكبرى ممّا لا نتّفق معه، كما اقترحنا عوضًا عن بنك الجهات إحداث ثلاثة صناديق إقليميّة للتّنمية مع التّنصيص على مصادر تمويلها.
- لا حظنا غياب أيّ اهتمام للوثيقة الحكوميّة بإصلاح مسالك التّوزيع وبمشكل تفاقم عجز الميزان التّجاري. وقد طالبنا بتفعيل أجهزة المراقبة لمحاربة الاحتكار وتغوّل الوسطاء. وبالنّسبة للتّجارة الخارجيّة فإنّ الحلّ الحكومي وهو تنمية الصّادرات سيتطلّب وقتًا ليُعطيَ نتائجه، وبالتّالي يتعيّن في الأثناء اتّحاذ إجراءات حازمة للحدّ من نزيف العملة الصّعبة واستيراد السّلع الكماليّة.
السيّد رئيس الحكومة،
كانت خيبة أملنا كبيرة في قانون الماليّة المُصادق عليه لسنة 2018، فقد تراجعت الحكومة مجدّدا أمام تهديدات أطبّاء الممارسة الحرّة والمحامين، ولم تفعل شيئًا لإخضاع القطاع الموازي للواجب الجبائي. وممّا زاد الطّين بَلّة سُلوك قيادتيْ النّداء والنّهضة اللّتان دفعتَا نوّابهما بالبرلمان إلى إسقاط فصول قانون الماليّة التي كان يمكن أن توفّر آليّات لربح المعركة ضدّ الفساد، كما ساءنَا التزام حكومتكم الصّمت إزاء هذا التّصرّف اللاّمسؤول.
وفي نفس تلك الفترة بدأت أسعار موادّ الاستهلاك ترتفع بوتيرة سريعة، ووزارة التّجارة تتفرّج ولا تفعل شيئًا لضرب الاحتكار والتّلاعب بقُوت المواطن حتّى وصلنا إلى مرحلة افتعال النُّدرة وارتفاع الأسعار بنسبٍ غير مسبوقة ولا مبرّر لها. وهكذا وصلنا إلى عرض قانون الماليّة لسنة 2019 والذي بقي هو أيضًا دون مَا يتطلّبه مبدأ العدالة الجبائيّة والضّرورة المتأكّدة لتحصيل موارد الدّولة. إثنا عشر مليار دينار هو حجم التهرّب الجبائي المُسجّل خلال السّنوات الأخيرة.
لو يتمّ استخلاص نصف هذا الرّقم فسيكون بوسع تونس خلاص ديونها ووضع حدّ للمزيد من التّداين وتوفير موارد للاستثمار الإنمائي. ونحن نسجّل لحكومتكم اقتراحها إجراءات لتحسين مستوى الاستخلاص على غرار العفو الجبائي ووضع سقف بخمسة آلاف دينار للدّفوعات التي تتمّ نقدًا، وهو ما كان البرلمان رفضهُ في السّنة الفارطة. إلاّ أنّ ما حصل من قرار تأخير تطبيق نسبة الضّريبة الموظّفة على أرباح المساحات الكبرى، وكذلك التّأخير مُجدّدًا في تطبيق المُساهمة الاستثنائيّة للبنوك وشركات التّأمين والشّركات البتروليّة لفائدة صناديق الضّمان الاجتماعي بَعثَ برسالة سلبيّة للتّونسيّين مَفادها امتداد ضُغوط اللّوبيّات إلى صلب الحكومة بعد أن خلناها مقتصرة على البرلمان.
السيّد رئيس الحكومة،
لا يُخامرنَا الشكّ في أنّ الحاجة إلى عمليّة إنقاذ وطني هي أَوْكد ممّا كانت عليه في السّابق وأيضًا في كَوْن حكومتكم غير قادرة على التصدّي لهذه المهمّة سواء بحكم مصالح واتّجاهات الأحزاب التي تتكوّن منها، أو بسبب تأثّرها بضُغوط جماعات المصالح، أو ضعف السّند الذي يُحيط بها من القوى الاجتماعيّة أو بحكم قصر المدّة التي تفصلنا عن الانتخابات.
كما لا يخفى علينا أنّ تجاوز الحالة الصّعبة للاقتصاد التّونسي وما يرتبط بها من تردّي الوضع الاجتماعي ليس رهينا باستعداد أيّ حكومة كانت ولا مرتبطا فقط بمدى توفّر الموارد الماليّة للدّولة. المشكلة أعمق وأخطر. إنّها تتعلّق أيضًا بثقافة سلبيّة وعادات سيّئة منها عقليّة القُعود والتّواكل وضعف الاستعداد للارتزاق من عمل يدوي شريف سواء لدى الكثيرين من أصحاب الشهائد أو لدى المنقطعين عن المدرسة.
ومنها عقليّة الغنيمة والنّهب واعتبار الدّولة بقرة حلوبًا يبتزّها الجميع، بدءًا بالعاطلين عن العمل، حقًّا أو باطلاً، وانتهاء بأشباه رجال الأعمال. ومنها رُسُوخ إقطاعيات وطوائف مهنيّة تُدافع بشراسة عن مصالحها الأنانيّة إمّا في المؤسّسات العموميّة بحجّة الدّفاع عن مكاسب تتضمّن أحيانًا امتيازات ما انزل اللّه بها من سلطان، أو صلب المهن الحرّة التي تمتصّ عرق المواطن الضّعيف وحتّى دمه بحجّة المكافأة المُجزية لأصحاب "الخبرة". ولا نتحدّث عن الفئات الهامشيّة التي اتّخذت من الانحراف والجريمة طريقًا ومن السّطو على النّاس بالسّلاح الأبيض، لا مصدر رزق حتّى وإن كان ذلك غير مبرّر، بل وسيلة لممارسة حياة من الرّذيلة والفساد.
كلّ هذا يعني أنّ تونس تعيش وضعًا بالغ الصّعوبة وما انفكّ يتفاقم ليُنتج الإحباط واليأس والعنف، كما يعني أنّ المعضلة تتجاوز قدرة أيّ حكومة مهما كان لونها وتركيبتها، وتقتضي عودة الوعي للجميع وعمليّة نهوض أو إنقاذ وطني تشارك فيها مختلف الأطياف وعلى أساس تقريب الرّؤى المتعلّقة سواءً بالغايات أو بواجبات كلّ منها.
لكن وفي انتظار أن يتحقّق ذلك وتتهيّأ الظّروف للإصلاحات الجذريّة والإصلاحات الكبرى الفعليّة، فإنّ ثمّة إجراءات عاجلة لا مناصَ منها لتفادي مزيد التّدهور. فبوسع حكومتكم اتّخاذ تدابير للتّخفيف من انعكاسات الأزمة على الحياة اليوميّة للطّبقات الشّعبيّة والفئات الوسطى الأجيرة التي سُحقت قدرتها الشّرائيّة، كما بلغت معاناتها من تدهور الخدمات العموميّة من نقل وصحّة وغيرها حدًّا يصعب احتمال المزيد منه. وبدون ذلك ستزداد الأوضاع سوءًا يومًا بعد يوم، وسيرتفع منسوب الغضب والاحتقان وسيتّسع نطاق الاحتجاج والعنف الاجتماعي ممّا يصعب التنبّؤ بعواقبه.
لقد شاءَت ظروفٌ وصدفٌ أن تجدوا أنفسكم فلي دائرة القرار وأنتم في سنّ الشّباب وحديثُو عهد بالشّأن السّياسي. دفع بكم الباجي قائد السّبسي إلى الصّدارة لاعتبارات منها شبكة العلاقات الشخصيّة والعائليّة، وخيّركم على سياسيّين متمرّسين وشخصيّات معروفة لأنّه يريد أن يكون صاحب القرار الفعلي وبلا منازع. دفعكم إلى ترأّسِ حكومة جعلتها أوضاع تونس وحاجتها إلى حلّ توافقي محاطة بحزام واسع من المساندة إلى حدّ اعتبارها حكومة وحدة وطنيّة.
لكن هذه الاعتبارات جميعًا لا تعطيكم شرعيّة وراثيّة ولا شرعيّة انتخابيّة ولا حتّى شرعيّة الكفاءة التي لا تنحصر في شخصكم على ما لا نظنّ. إنّ الشرعيّة الوحيدة التي بدأتم بالكاد تكتسبونها والتي نأمل أن لا تفرّطوا فيها هي شرعيّة الإنجاز. والمنجزات التي تتطلّعُ إليها الأغلبيّة الغالبة للشّعب التّونسي هي أوّلاً ضمان مستوى عيش يحفظ الكرامة ما يقتضي الدّفاع عن قدرتها الشّرائيّة ومعاقبة المحتكرين والمضاربين، وثانيًا مواصلة وتوسيع المعركة ضدّ الفساد حتّى لا تكون انتقائيّة ووقتيّة، وثالثًا التصدّي الحازم للتهرّب الجبائي، وكلّها تتلخّص في جملة واحدة: فرض سلطان القانون وهيبة الدّولة. فهل تفعلون؟
والسّلام عليكم