خلافا للفروقات الاجتماعية الفعلية فإنّ الفكر البورجوازي منتشر خارج الطبقة ذاتها. أي أنّك تجده عند الكثير ممن ينتمي للفئات والطبقات الأخرى..
قبل أن يكون الفكر البورجوازي ماديا على أرض الواقع، هو ثقافة موروثة وعدوى لها أسسها السوسيولوجية المجتمعية تترعرع في مناخات الرغبة والطموح والشهوة والغبرة ولها علاقة بالعقد النفسية الناجمة عن الانتماء لفئة او طبقة مفقرة وهامشية....وبالتالي هي دونية في العيون…
لذلك فإنّ الفكر البورجوازي ليس بالضرورة حكرا على الطبقة البورجوازية إقتصاديا ومجتمعيا. لا غرابة، إذن، في وجود تحاليل ورؤى وتصرّفات بورجوازية فكريا يتبنّــاها ويدافع عنها أناس ينتمون اجتماعيا لفئات متوسطة أومفقّرة وحتى معدمة في بعض الأحيان..
وبما أنّ الطبقة البورجوازية هي من طبعها أنانية، إنتهازية، مصلحية لذلك تخاف ضياع ماتملك... فهي تخشى المجهول الذي لا تتحكّم فيه... ترفض المساس من مصالحها وتصدّ كلّ متطفّل عليها ... هي كالكائن الافتراضي المغلق في قفص ابوابه موصدة…
وبمفعول تكوينها ومواصفاتها تلك وخوفها عن مصالحها ورعبها من فقدان مكاسبها فإنّها بالضرورة طبقة جبانة... هذا ما يجعلها تعتمد على ضحاياها من الطبقات والفئات الضعيفة والفقيرة المستغلَّه التي حين يضيق بها الحال وتختنق أوضاعها المعيشية ويشتدّ فقرها وبؤسها تنتفض وتثور بنيّة التغيير الجذري وتحسين أوضاعها وتعديل كفّة الفروقات والتقليل من الحيف والتهميش.
وقتها تخطط الطبقة البورجوازية للمرحلة اللّـحقة فتصطاد فرائسها من التحركات ثمّ تسعى جاهدة لاحتوائها عبر وسائل الإعلام التي هي اصلا تابعة لها و كذلك عن طريق وسائلها المادية المتعدّدة معتمدة على ألائك الذين أشير إليهم من أصحاب الفكر البورجوازي التابعين للفئات المنتفضة... فتستعمل الجميع حطبا تحسّن بفضله تــدفئة مخزونها من الفوائض والمكاسب والأرباح…
وتضيع أحلام الثائرين في متاهات بنوك ودهاليز المنتفض ضدّهم... بهكذا، دهاء ينتصر الجبان بفضل شجاعة وتضحيات العدو الطبقي... وبفضل جانب كبير من الجهل المعمّم ومن الغباء المستشري عند من يدّعي باطلا أنّه منقذ ومساند وبديل…