الإتحاد العام التونسي للشغل هو منظمة نقابية وليس حزبا سياسيا... أي أنّه منظمة تتعامل مباشرة مع طرفين متناقضين..: تمثّل المنخرطين فيها من العمّال ومن الشغّالين من جهة وتتعامل مع سلط الإشراف في الطرف المقابل من جهة أخرى..
لذلك مواقفها وتكتيكاتها تصاحبها الكثير من الهزّات ومن الصراعات المتضاربة... وبما أنّ هناك تناقضات معها وفي صلبها من الحنكة ومن الضروري أخذها بعين الاعتبار والتعامل معها بحنكة وروّية وذكاء... حيث لا يعقل إطلاقا اعتبار كل النقابيين او حتى اغلبيتهم فاسدين…
هذا تفكير أولا هو بعيد عن الواقع وثانيا هو غير منطقي بالمرة ، حيث لا يجوز بالمرّة وضع مئات الآلاف من المنخرطين بالمنظمة في نفس الخانة والحكم عليهم جملة وتفصيلا إعتمادا على أنّ هناك عناصر فاسدة تظهر هنا وهناك في مختلف هياكلها، شأنها في ذلك شأن كل المنظّمات الكبيرة في كل أرجاء الدنيا…
لا أحدا ينكر أنّ داخل المنظمة الشغيلة،هناك فعلا إنتهازيون وسماسرة وعملاء...هذه أمور بديهية ولا ينكرها النقابيون من الصادقين النزهاء وهم كثر. كما لا أحدا ينكر أيضا أنّ هناك مئات الآلاف من النقابيين الصادقين الصالحين والفاعلين ونضالاتهم عبر التاريخ تشهد لهم بذلك.
هذه حقائق لا جدال فيها .
إذًا ومن أبجديات العمل في الحقل السياسي ، في أيّ مجال كان، تشجيع الجيّد وإفشال السيّئ وخلق ثغرات في صفوف الآخر في اتجاه دعم وتقريب الصالح وكشف وعزل الطالح…
لا يحق ، إطلاقا، في كل المجالات وفي جميع الحالات، وضع الكل في نفس السلة حيث نكونوا بذلك قد أضعفنا الصفوف المناضلة وعززنا الخصوم الهدّامة وحرمنا الوطن من تحالف قواه الصادقة الصامدة المعطاءة من أجل الإنعتاق ومن أجل الحرية وبناء المجتمع الديمقراطي الفعلي والمناهضة للظلم والحيف والإستبداد…
والتاريخ زاخر بالأمثلة المدعّمة لذلك…
وفّقنا الله جميعا لما فيه خير البلاد والعباد ولتحيا تونسنا عزيزة أبيّة بفضل أبنائها من الشرفاء البررة.