ما جرى في القيروان من إنتشار مفزع للوباء هو أمر غير مقبول، ولكن أن « يخرج » القيروانيين على الوالي و كأنهم يريدون سحله لسبب أنه لم يوفر لهم أسّرة الإنعاش و أطباء الإختصاص و المدد الطبي هو كذالك أمر غير مقبول .
ندرك أنهم بحنقهم و سخطهم إنما كانوا يقصدون الدولة و ما لم توفر لهم لكن و لا مرة ألقى القيروانيين باللوم على أنفسهم وكأنهم غير مسؤولين عن ما ألمً بهم.
يشهد الله أنه كل مدة إنتشار الوباء لم أقفل يوما عيادتي، بل ثابرت على إسداء النصيحة و حثّ الناس على التلقيح و كنت أعجب من تحفّظ الكثير و حتى إمتناع البعض و جاء العجب من أن مجمل حرفائي هم من الطبقة الموسرة وجلهم متعلمون .
كنت أشرح وأكرر أن اللقاح طفرة علمية وأنه جاء سريعا لأن الأمم العظمى ضخّت فيه موارد طائلة و أنه ليس مؤامرة، بل إستعجالا وكنت أطلب من كاتبتي مساعدة البعض في تسجيلهم متى نجحت فى إقناعهم وكان ذالك بالأمر الغير هيّن.
رأينا أخيرا كيف تعامل التونسيون عمومًا مع توصيات الحكومة و الوباء يعصف مجددا و كان الإزدراء هو العامل المحدد ولا حتى يستسيغوا لبس الكمامة.
كيف لنا إذن أن نحل المعضلة ونحن نتبارى في نشر الوباء و في نفس الوقت نطلب الشفاء و المشافي؟ و منطق جمع النقيضين لا يستقيم بأي شكل.
كنّا ونحن طلبة طب و في علم الأحياء بالذات ،حتى نفهم منطق العلاج ،وجب علينا تفكيك تركيبة المسبّبات لتتبيّن لنا تركيبة النتائج.فلا جدوى إذن في”ضرب عنق “الوالي حتى ندحر الوباء و إنما حصاره يستوجب أساسا الإقبال على التلقيح و لبس الكمامة في أضعف الإيمان.
هذا الإنسان الذي يريد الحاجة ونقيضها هو نفسه ، لما أعطيت له للمرة الأولى الفرصة ليدلي بصوته بكل حرية صوت(للي يسوى والي ما يسواش) و كأنها لعبة و مزاج. ففي ظل شلل الدولة الذي هو مسؤول عنه كيف له أن يطلب العون و المدد؟
الشعور بالمسؤولية هو روح المواطنة و حتى تكون لنا حقوق وجب علينا أن ندرك أن علينا أيضا وقبل كل شيءٍ واجبات. و تبقى المواطنة الأمل المنشود.