دأبت أغلب المؤسسات الإعلامية في تحريرها للأخبار المتعلقة بنواب الشعب، على إضافة نعت "المجمّد" إلى اسم النائب. لا يعدو هذا النعت إلاّ أن يكون "تنبيرا" على موقع فايسبوك يمارسه الجمهور ساخرا من النواب وتلذّذا للقرار المنتهك للدستور الذي اتخذه قيس سعيد. أمّا عندما يعتمده صانعو المحتوى فذلك دليل على مواصلة انخراطهم في مسارهم السابق في ترذيل نواب الشعب، والبحث عن أي "تخريجة" لجعل مؤسسة البرلمان التونسي المعبرة عن إرادة الشعب التونسي بمختلف مستوياته، حتى وهي موقوفة عسفا عن النشاط، في موقع الدونية مسلوبة الإرادة.
ولنعد إلى الأمر الرئاسي نبحث في نصه عن سند لعبارة "مجمّد"، حيث ورد:
"الفصل الأول ـ تعلق كل اختصاصات مجلس نواب الشعب لمدة شهر ابتداء من 25 جويلية 2021".
"الفصل 2 ـ ترفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضاء مجلس نواب الشعب طيلة مدة تعليق أعماله".
فالأمر يتحدث عن "اختصاصات" أي عن "التشريع والرقابة...."، وزاد قيس سعيد إجراءً تعسفيا فأغلق المبنى بقوات عسكرية. ولو لم يحدث ذلك ودخل النواب المقر وباشروا أعمالهم، لأبطلها قيس سعيّد بمقتضى صريح العبارة "تعلق كل اختصاصات".
فمن أين ابتدع "التجميد"؟
وجاء الفصل الثاني محدّدا الإجراءات التي تخصّ النواب، لكلّ فرد منهم، وهي "رفع الحصانة". ولو سايرنا أصحابنا في منطقهم لكن الأسلم أن نقول "النائب (..) المرفوعة عنه الحصانة". وفي الحالات العادية، عند العطلة البرلمانية نقول "النائب في عطلة فلان"، وغير ذلك من الثرثرة، على نحو ما سيردّ به البعض على رأيي هذا.
والمهمّ عندي أن استعمل "مصطلحا" له سند، لا أن ابتدع "نعتا"، حسب شهوتي بتأويل لا تخفى خلفية التشفي والتشويه فيه، فضلا عن الحماس "الأعمى" لما قرّره سعيّد.
ومن العجب أن تستخدم وكالة تونس إفريقيا للأنباء صفتين مختلفتين لنائبين حاليا، في برقيتين، اليوم الأحد 22 أوت 2021، على النحو الآتي: "النائب المجمد عبد اللطيف العلوي يستقيل من ائتلاف الكرامة" و"إيقاف لطفي علي النائب السابق بمجلس نواب الشعب". فهل استعملت عبارة "السابق" مع لطفي علي "الحالي"، رفقا بـ"أصدقائنا"؟ أم استباقا لشهوة حلّ البرلمان؟ والله أعلم.
ولنا سوابق في هذا مثل "الرئيس المؤقت" والحكومة المؤقتة"، بحثت عنها في الرائد الرسمي مرجعنا القانوني فلم أجدها، سوى في ما لم يقدر على كبحه، مبتدع المصطلح، من رفض شخصي للرئيس المنصف المرزوقي وحكومة حمادي الجبالي وحكومة علي لعريض.
يجلب موقفي من الانحرافات المهنية الناتجة عن قصور فكري مريع أو عن تعصّب حزبي أو اصطفافي وأحيانا عن سقوط أخلاقي، ثرثرة مزعجة حول تدوينتي، ترسّخ قناعتي باستحالة إصلاح الإعلام في تونس، في ظلّ المغرورين، والصفويين والتافهين والوصوليين.