تعود الأسطورة لصناعة قرطاج، من قصة عليسة ومساحة جلد ثور، إلى جلود الخرفان الوهمية بمساحة الوهم المسيطر. يبدو أنّ حصيلة البحث عن الأكاذيب "الأساطير" المؤسسة لـ25 جويلية ستفضي بنا إلى نتيجة مماثلة لما آلت إليه نتائج البحث عن الأخبار الزائفة المؤسسة لغزو العراق. ولا فرق في توقيت اليقظة من الغفلة، فالأهداف التخريبية تحققت.
فبعد اكتشاف زيف المعلومات التي وقع ضخها في عشرات التقارير وآلاف القصص الإخبارية الإعلامية المكتوبية والسمعية البصرية، لم يعد بالإمكان العودة إلى العراق الموحّد.. فمن يقبل العودة لحكم الدكتاتور السفاح صدام حسين؟ لاشكّ أنّكم تسمعون اللغو نفسه بعد 25 جويلية عن العشرية الديمقراطية السابقة. والمأساة أمرّ مع الشعب التونسي الذي يسجد حمدا لنهاية حقبة الديمقراطية وبزوغ بشائر عودة الاستبداد على يد الحاكم الفائز ديمقراطيا.
تذكرون تصريح قيس سعيد يوم 23 جويلية 2021 وهو يعاين هبة من فرنسا، وأظهر نفسه ضحيّة وسائل الإعلام العمومية التي اتهمها بالتعتيم على نشاطه وعلى المجهودات التي يقوم بها لجلب مساعدات ولقاحات ضد كورونا. وقال موجها خطابه لحامل ميكروفون القناة الوطنية الأولى: ''في شريط الأنباء أول أمس، يتكلمون عن جلود الأضاحي قبل أن يتحدثوا عن مكالمات مع رؤساء دول شقيقة، كأن قضية الجلود أهم.. على الأقل كان عليهم أن يحترموا الدول الأخرى". وأضاف: ''سيأتي الوقت الذي يعرف فيه التونسيون الكثير من الحقائق والجرائم، وسيتحمل من أجرموا مسؤولياتهم أمام القانون.. كثير من التجاوزات التي وقعت ومازالت لترتيب أوضاع لتتمكن لوبيات من البقاء في السلطة''.
عودوا إلى النشرة الرئيسية ليوم 21 جويلية 2021 ستجدونها خصصت في بدايتها 6 دقائق و10 ثوان لنشاط الرئيس (حول مراكز التلقيح وفي شارع بورقيبة واستقباله لفوزي المهدي)، ثم عادت إلى نشاط مكالماته مع محمد بن زايد والملك عبد الله من دق 22.46 إلى 23.36، بعد قسم مطوّل عن الوضع الصحي في البلاد.
ولا وجود لموضوع جلود الأضاحي. وفي نشرة يوم 20 جويلية لا وجود لموضوع جلود الأضاحي وفي نشرة 22 لا وجود لموضوع جلود الأضاحي. وكذلك الأمر لنشرات الظهر في الأيام نفسها.
كم يلزمنا من الوقت لتصحيح المغالطات والتضليل: من الرسالة المسمومة إلى محاولات الاغتيال عبر المخبزة وعبر الحدود الليبية إلى "استقالة الفخفاخ" إلى استشارة الغنوشي والمشيشي، إلى ثروة زوجة شوقي الطبيب وأسعار الجنسية التونسية، إلى حرية التنقل في الإقامة الجبرية، إلى شروط المنع من السفر، إلى اجتماعات الغرف، وعودة إلى عدم امتلاك ثمن قهوة والحملة الانتخابية المجانية، والمداهمات المعززة أحيانا براشكلو للمخازن، وعشرات القصص التي باتت كلسا سميكا في العقول.. ثم أوّلا وأخيرا القسم على المصحف على احترام الدستور، وادّعاء الخطر الداهم.