لم يحصل في عهد بورقيبة ولا عهد بن علي ولا عهد الباجي قائد السبسي رحمهم الله جميعا أو المرزوقي، ولا أظنه يحصل في أي دولة من دول العالم، أن تم الزج بطالب علم أجنبي في السجن، لأنه تأخر بضعة أيام عن تجديد بطاقة إقامته... لكن يحصل ذلك في عهد تونس السعيد!!
Walvina Fransca Tonda Issoughi
طالبة غابونية عمرها 19 سنة تدرس بالسنة الثانية هندسة كمبيوتر بصفاقس، تحولت يوم السبت 9 أكتوبر إلى تونس العاصمة في سيارة أجرة كي تتسلم يوم الإثنين بطاقتها القنصلية من سفارة بلادها. وفي محطة استخلاص مرناڨ، قام أعوان الحرس الوطني بإيقافها بعد أن تبين لهم أنها لم تجدد بطاقة إقامتها المنتهية صلاحيتها منذ أسبوع. وبعد يومين من الإيقاف، أذن ممثل النيابة العمومية في محكمة بن عروس بإيداعها في سجن النساء بمنوبة لحين عرضها يوم الإثنين المقبل 25 أكتوبر على حاكم الناحية بتهمة مخالفة تراتيب الإقامة!!
تصوروا لو أن هذا حدث لبنت لكم تدرس بالخارج!؟ يا للعار!! أشعر أحيانا بالخزي والغضب مما يحصل في بلادي.
وأشعر بالحزن العميق لما حصل لهذه الطالبة التي أرسلها أهلها لتونس للدراسة وكان مؤملا أن نجعل منها سفيرة لنا تدافع بالمحبة عن مصالح تونس في بلادها، فتجد نفسها مرميا بها في السجن لأسباب إدارية قد تكون خارجة عن إرادتها، فضلا عن الظروف التي مرت بها تونس والاضطراب الذي أدخلته جائحة الكوڥيد على السير العادي للعمل الإداري في بلادنا.
ألم يقدّر الذين زجوا بها في السجن ليحرقوا قلوب أهلها ويثيروا غضب مئات الطلبة الأفارقة من جنوب الصحراء في بلادنا، أن المنحة التي يرسلها لها والدها الضابط العسكري بجيش الغابون لم تصلها بعد وأنها دون مال؟ ألم يقدّروا أنها ليست سوى طالبة، وأن واجبنا جميعا هو مساعدة الطلبة ولو بالكلمة الطيبة وتمني النجاح لهم؟
أي نوع من البشر هم الذين قاموا بمثل هذا التصرف؟
ألمي كبير لأنني سأكون عاجزا عن حضور محاكمتها يوم الإثنين، عسى تلتقي نظراتنا فتشعر بالحزن الذي بداخلي وتضامني معها، أو أتمكن من الاقتراب منها لأقول لها بكل رجاء "سامحينا بنيّتي"، وأصرخ بعلو صوتي في قاعة المحكمة: "حرام عليكم"، فلي ابنة تدرس بالخارج ولا أتمنى أبدا أن تقع ضحية ما وقعت فيه زميلتها الغابونية التي أستشعر من موقعي حرقة والدها وأهلها عليها.
لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل…