استمعت قبل قليل في موازييك إلى ما استطعت من حوار حمزة البلومي مع الصادق بلعيد "العابر للأزمنة والأنظمة" ما شاء الله، والذي كنت اعتقد أنه سيكتفي بتجربته "المخجلة" الأخيرة، لكن يبدو أن هذا النوع من البشر "غاسلينو " في مجردة كما يقال..
وعلى الرغم من كونه - كما هو مفترض- استاذ جامعي عريق، وعرصة من عرص القانون كما تزعم "النخبة الفرنكوفيلية" البائسة، المهيمنة على الأوساط الإعلامية والجامعية والاكاديمية في هذا البلد السعيد، فقد وجدت صعوبة بالغة في تلمّس أي منهجية من أي نوع لدى الرجل، منهجية علمية او منطقية أو معرفية، ناهيك عن خليط اللغة المزعج من استاذ يفترض ايضا ان تكون له قدرة على الحديث باللغتين بشكل منفصل، كما هو حال العديد من اقرانه، ممن عرفت، يحسنون الحديث بعربية لا عجمة فيها، وفرنسية سلسة ومتينة..
المهم أن ما فهمته من الرجل، أنه كان يتطلع من خلال مشروعه الدستوري المقبور الذي كتبه مع رفيقه إياه، الى فرض دولة علمانية على التونسيين لا ينص دستورها على دين بعينه، باعتبار ان الاسلام ليس محل اجماع بين التونسيين، وكأن العلمانية محل اجماع بينهم!!، قبل أن يضرب مثالين مخالفين تماما لمراده، متناقضين مع مقصده.. فقد ذكر بكل تقدير ملك المغرب باعتباره أميرًا للمؤمنين وأنه لو أمر شعبه بأن لا يضحي أو يحج لما خالف له المغاربة أمرًا، فيما لو قام أحدهم بنفس الشيء مع التوانسة لرفضوا الأمر بشدة لأنهم يرون أنفسهم مسلمين جيدين، فكيف لهؤلاء التوانسة يا سي بلعيد يقبلون بالعلمانية دينا كما تقترح عليهم..
ثم يسترسل في ضرب الأمثلة العجيبة، فيقول أن للبنانيين معاناة مع التناقضات الطائفية على المستوى الديني، متناسيا أو ناسيا لا أدري، أن الدولة اللبنانية هي دولة علمانية، فهاهي العلمانية يا سي الصادق لا تصدق أهلها..
وأخيرا أقول لهذه النخبة الإعلامية المتهافتة التي تريد أن تفرض علينا بالقوة من خلال التكرار الممل هذه الكائنات الصادقة والصدّيقة، والله ثم والله ثم تا الله، لو أخليتم لهم التلفزيونات والراديوهات أربع وعشرين ساعة على اربع وعشرين، لما دخلت آراء هؤلاء قلوب المؤمنين، حتّى أولئك الذين لا يغادرون الحانة من بينهم..