لفت الانتباه على هامش حادثة وفاة 12 عاملة فلاحية بمنطقة السبالة بسيدي بوزيد رفع الفولارة الخضراء فوق بيت احدى الضحايا كحركة رمزية باذخة المعنى. التقطها الكثير كحركة تعبر عن غياب الدولة في الهامش او عن يأس هذا الهامش من الدولة ورموزه العليا كالعلم الوطني.
ليست المرة الاولى في الواقع التي يحتمي فيها عمق الوطن المهمش برمزية اخرى مغيبة للرمزية الجامعة المختزلة في العلم الوطني. كلنا نتذكر حركة سكان القرى الحدودية المفقرة في فرنانة حينما نظموا مسيرة نحو الحدود رفعوا فيها العلم الجزائري بدلا عن العلم الوطني.
ولن اتحدث عن رفع العلم الاسود الذي بحث لنفسه يوما ما عن مكان الى جانب العلم الوطني كحركة غبية لم تخل من نشاز وخروج عن الاجماع الوطني في قلب مركزه. لقد كان بوجه من الوجوه لا يحسمه سوى التحليل السوسيولوجي كان حركة الهامش وهو يعبر عن غبن من رمزية وطنية لم يلق منها سوى الاقصاء فضلا عن منطق الاقصاء الذاتي.
كلما حصلت فاجعة ما في الوطن إلا وحصلت هرولة الى التدثر بالعلم وهناك من اتخذ منه مشهدية دعائية تزايد على الجميع وتؤثث الاستعراض الشارعي الذي تتقنه بلخوجة ومن يدفع لها. حركة الفولارة الخضراء كانت ردة الفعل الرمزية القادمة من الاعماق عن اختطاف العلم طبقيا ومناطقيا وهي تقول ببساطة نحن ننتمي للوطن ايضا لكن لا مكان لنا في استعراضات بلخوجة وماجوراتها اللاتي تنتقيهن بعناية فائقة. تكاد تقول" اذا متّ ضمآنا فلا نزل القطر" ومن هذا القطر نحن نأتي لكم بالغذاء.
كم نحتاج الى اعادة العلم للوطن و تحريره من سطوة الثقافي و السياسي وإرجاعه الى عمقه الاجتماعي غير الفلكلوري الساذج. كم نحتاج ان يكون العلم للجميع خارج التوظيف الحزبي والاستعراضي. كم نحتاج الى الدولة دولة الناس والوطن لا دولة المافيا والموتورين .. دولة حجر الوادي.