يبدو قرار ايقاف او جلب النائب الخياري للمحكمة العسكرية قرارا سابقا لظهوره الفيسبوكي الاخير وربما يعود الى التسريبات الاولى وقد اشار اليه الرئيس تلميحا في خطابه الاخير امام القوات الامنية. قرار بمثابة الاختبار لردات الفعل لما سياتي.
كنت اعتبرت الحديث حول الحملات الانتخابية حديث هواة وما جاء في حديث الخياري هو محاولة اثبات تمويل خارحي (كلمة أجنبي غير مطابقة بالضبط) مر عبر أنصار الحملة من التونسيين في الخارج وان كان احد الاطراف المذكورة يشتغل في السفارة الامريكية في فرنسا يثير ريبة. كل الاحزاب لها انصارها في الخارج من التونسيين وساهموا في تمويل حملاتها ويصعب في ذلك اثبات الربط بين الدعم الاجنبي او الاستخباراتي والمبادرة الخاصة للتونسيين بالخارج. وهذا الامر ينطبق على حملة الرئيس ايضا.
حملة سعيد لم تكن عفوية وبسيطة كما بدت وانما قدت بصناعة فائقة الدقة وتعرف الجمهور المستهدف وذهبت اليه رأسا عبر عدد كبير من مواقع التواصل الاجتماعي الممولة والموجهة وقد ورد ذكر ذلك في تقرير دائرة المحاسبات. كما ركبت الحملة حتى الآلات الحزبية خاصة في الدور الثاني.
راشد الخياري نائب مستقل حتى عن الكتلة والائتلاف الذي ترشح ضمنه ولا يبدو الاصرار على الربط بينه وبين النهضة سوى مجرد تحريض لا مسؤول وتوسيع لدوائر الخصومة حول الرئيس وزرع للفتنة واستدعاء الاشتباك العقيم.
اتابع ردود الافعال حول تصريحات النائب. وان كان شابها الكثير من الاوفرة والتنطع والمغامرة فهي لا تخرج عن انفلات حرية التعبير التي نال منها الجميع نصيبه ولا يستقيم معها الكيل بمكيالين ولغة التحريض والتشفي البغيضة.
نعم ما جاء في التسريبات يستوجب تدخل القضاء، ولكن لا فائدة ترجى من اقحام القضاء العسكري في القضايا المدنية.
يبدو ان الرئيس يجرب الدرس الماكيافيلي باستبدال محبة الناس بالهيبة في حالة العجز عن الجمع ببنهما لكن مازال بإمكانه نزع فتائل الفتنة الدستورية والسياسية وان يكون رئيس جميع التونسيين لا رئيس فقط من اوغل صدره على قسم من شعبه انتخبه وقرا فيه حسن النوايا.