ليس من موقف أخزى من موقف سعد الدين العثماني في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الأمة، فهو يتجاوز موقف السادات لما زار القدس، و كل الوجوه المطلية من حكام العرب المنهزمين. لماذا؟ لسبب بسيط وهو أن الحركة الإسلامية المعاصرة، بما تحققه من أرقام فعلية في كل انتخابات حرة تتجاوز كل التيارات السياسية المناوئة من كل التيارات مجتمعة، وهذا يجعلها أقرب إلى ضمير الأمة من غيرها إلى حد اللحظة على الأقل. ويتمثل الخزي، في أنه غرس سكينا في الأمل، في المستقبل، في قلب المسلمات، و أنه لم يستحي أن ينحر ملايين الناس الذين يحملون نفس الشعار أو يصيبهم في مقتل.
إننا وإن كنا نلتمس الأعذار لبعض الرموز المحسوبة على الإسلام السياسي، والذين وجدوا واقعا سابقا عليهم، و اتفاقيات قديمة مع دولة الكيان، يصعب عليهم شطبها بجرة قلم لتعقيدات السياسة الدولية، و يبررون ذلك بتحين اللحظة المناسبة، فإنه لا يمكن الاعذار لمن قام بذلك ابتداء و كان عليه إن لم يستطع ألرفض أن ينسحب إلى عموم الناس، فيجنب نفسه خزي الدنيا ولعنات التاريخ والأجيال.
لكن أين يكمن الخلل؟
رضيت كثير من الحركات الإسلامية أن تكون ديكورا في المشهد الديمقراطي المغشوش في كثير من الدول العربية. و لعبت في كثير من الأحيان دور التياس، خوفاً أو طمعا أو تحذلقا واستذكاء. ففي الجزائر، ارتمى الإخوان في حضن العسكر، و بيضوا وجهه في أكبر مسخرة ديمخرائية في التاريخ، و في المغرب، دخلوا في عملية سياسية طمعا في توسيع دائرة الاصلاح والحريات، في بلد تملك العائلة المالكة فيه حوالي 60 بالمئة من ثروات البلاد ، وهو أعظم منكر على الإطلاق ،
لأن أبا عبيدة عامر ابن الجراح، منع أبا بكر يوم تولى الخلافة من دخول السوق تاجرا، فقال أبو بكر: أليس لي عبال أطعمهم؟ قال نفرض لك معاشا من بيت المال (ومضمض ع السوق). فكيف تجتمع السلطة والمال في يد الحاكم ثم تتحدث عن الديمقراطية، وانتهوا إلى ما ترون: خازوقا تاريخياً مرتبا، أجلسهم عليه الملك و مستشاروه.
أما في السودان، فتحالفوا مع العسكر، فذهب الاسلاميون و ذهب العسكر و ذهب السودان.. وفي الأردن، جاملوا و حاملوا و خاملوا حتى اندثروا أو يكادون. في مصر، كذلك، منذ ثمانين عاماً يراوحون مكانهم من نكبة إلى نكبة، لأنهم باعوا واشتروا مع العسكر، حتى ابتلعهم العسكر، وذهبوا و ذهبت مصر العظيمة إلى حضن بن زايد الصغير ...
الدرس التونسي:
لا أحد اليوم في تونس الجديدة، يجرؤ على التفوه بالتطبيع، ليس لأنه لا يوجد بيننا خونة وأراذل، بل لأن الحرية والديمقراطية تضيق عليهم الخناق، فتجعلهم في العراء التاريخي، و تخيرهم بين رفض التطبيع أو الانتحار..
إن الإسلام بدأ ثورة حرية و كرامة، انفجر في وجه طواغيت البشرية، فكان كالسيل العرم، يهدم الطواغيت ويقتلع الزيف، وعلى من يحمل هذا الشعار أن يعي هذا جيدا، فمن ساوم على حرية الشعب المصري أو المغربي أو الجزائري، ستكون مساومته على فلسطين، أهون وأسهل وأقل شأنا.
هذا هو الدرس التونسي، لمن أراد أن يتعلم ...
• الحرية_قبل الشريعة
• الحرية قبل التنمية
• الحرية قبل الحكم
• غير هذا، خلبص خلابيص ...
• و السلام عليكم.