وإذا اعتبرنا المجتمع المدني في أهم تعبيراته الاجتماعيّة (الاتحاد) مستهدفا اليوم من قبل الانقلاب فهذا يعني أنّ تغيرا يحصل في بنية الدولة يتجاوز الحاجة إلى "هدنة اجتماعيّة" وفرض شروط الإصلاحات التي تلحّ عليها الصناديق الدوليّة.
الشعب ضدها. الشعب لا يريدها. سقطت الاستشارة. هذا يسمى مكر التاريخ، الآلية التي أُريدَ استعمالها للمضي في مشروعه، تكشف عن لاشعبية كاسحة.
ما شاهدته اليوم عاد بذاكرتي إلى بدايات حكم ابن عليّ. أفهم من لم يعش تلك الفترة وأفهم عدم خوفه ممّا يحصل أو عدم اكتراثه.
هل أن الذين يديرونها والذين يتفاعلون معها يدخلون ضمن "الشعب الذي يريد" والشعب الذي تتقرر على ضوء قوله المشروعية؟ بمعنى هل أن هؤلاء هم الذين يمثلون الشعب فيُسمع لهم من دوننا؟ ويُحكم بهم على مصيرنا باسمنا؟
كارثية "حالة سعيد" شخصا وأداءً و"قصرا غامضا". ونكتفي بزيارته الفضيحة لمصر. لا فريق عمل لا مواقف مدروسة، بل استهتار كامل بدقة وضع إقليمي يحتاج وحدة وطنية حقيقية قبل الخوض فيه.
الحكومة المصغرة وحزامها البرلماني (الاغلبي مؤقتا) والحوار بين الراسين مقطوع قطيعة حرب لا قطيعة خلاف. رسائل الحكومة وحزامها ترتد على جدار القصر ...والقصر يتوقف عن ارسال الرسائل ولو بالحمام الزاجل...
الأزمة المباشرة التي تعرفها البلاد هذه الأيّام في أعلى مؤسسات الدولة هي "أزمة إجرائيّة" تتمثّل في عمليّة تعطيل معلنة لسير مؤسسات الدولة بتعلات قانونيّة ظاهرة وعقديّة إيديولوجيّة مضمرة (تعطيل البرلمان، تعطيل أداء اليمين).
Les Semeurs.tn الزُّرّاع