إحصائيا حوالي 8 ملايين تونسي موجودون على الفيسبوك أي أنهم يتجاوزون ثلاثة أضعاف ناخبي قيس سعيد في الدور الثاني بما في ذلك ناخبوه من ائتلاف الكرامة. وهذا الرقم يدل على أن شبكات التواصل الاجتماعي هي اليوم جزء من حياتنا اليومية، بقدر ما تعكس اتجاهات الرأي العام، وتستعمل كذلك لتوجيه الرأي العام والتأثير على المواقف والسياسات.
ولا يمكن حينئذ لأي سياسي أن يغض النظر عنها أو يتغاضى عما يدور فيها، من جدل أو نقاشات أو حتى تنبير وما ينشر فيها من إشاعات أو تهويمات أو أسرار وأكاذيب وحقائق ولست أدري. وغير بعيد عن ذلك فإن رئاسة الجمهورية التونسية نفسها اكتفت بصفحة على الفيسبوك لتكون نافذة لها على الجمهور، دون الشعور بالحاجة إلى ناطق رسمي أو التواصل مع الإعلاميين.
في نفس هذا الإطار، فإن شبكة الفيسبوك نفسها أغرقت بسيل من صفحات أنصار قيس سعيد، تشرح وتحلل محاضراته المتلفزة وتفسر ما تضمنته من ألغاز وتوضح ما فيها من تلميحات و تسمّي لمن يوجه خلالها من تهديدات، ويتهجم مديروها وجمهورها على كل من ينقد ما بعد 25، بلغة منحطة، وبذاءات وقذاعات، ودعوات إلى الثلب والسب والشتم. والعجيب أنهم يقومون بذلك دفاعا عن نظافة الرجل.
إن وجود تلك الصفحات يستوجب طرح بعض الأسئلة حولها:
الأول- هل أن الذين يديرونها والذين يتفاعلون معها يدخلون ضمن "الشعب الذي يريد" والشعب الذي تتقرر على ضوء قوله المشروعية؟ بمعنى هل أن هؤلاء هم الذين يمثلون الشعب فيُسمع لهم من دوننا؟ ويُحكم بهم على مصيرنا باسمنا؟
الثاني- هل الحملات التي تقوم بها ضد كل معارض، تلزم قيس سعيد باعتبارها تنطق باسمه وهو صامت عنها وباعتباره مستفيدا منها في كل الحالات؟ ألم يقع إشعاره بها وهو الذي يعلم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ وإن أشعر بها فلماذا تركها تستمر في حملاتها العفنة، ألا يخشى من أن تخدش نظافته؟
الثالث- من يموّل هذه الصفحات؟ ومن يقف وراءها؟ وما هي الجهة التي تنسّق أعمالها وتوجّهها؟