إنّ 'التسلّط غير الفاسد ' قد ينجز ،موضوعيا، اصلاحات حقيقية مؤقتة ضد واقع ' التسلط الفاسد ' وحتى ضدّ وهم ' التحرّر الفاسد ' ، ولكنه ليس هو الحل الدائم الذي تختاره الشعوب الحرّة . ان 'الاستبداد العادل' أو 'الاستبداد المستنير' قد يلعب في التاريخ دورا ايجابيا يمكن تثمينه موضوعيا، ولكنه دور وقتي لا غير ويجب تعويضه حتما بكل من 'التحرر العادل' و 'الديمقراطية العادلة'.
نعم، قد تحتاج الشعوب في لحظة ما الى التسلط العادل لمقاومة التسلط الفاسد - أو حتى 'التحرر الفاسد' - من باب الضرورة عند عجز قوى الحرية عن القيام بالمهمة و استجابة اجتماعية تاريخية لقانون '' لا عدل الا اذا تعادلت القوى'' التي قد تكون متسلّطة أحيانا .
ولكن الشعوب الحرّة لا يمكنها أن تتوقف هناك عند تعادل أشكال التسلّط التي تبقى كلها فاسدة من وجهة نظر تاريخية و لا أن تقبل بالمبالغة في التسلط غير الفاسد -حتى عندما يكون ضروريا من وجهة نظر سياسية وقتية - وذلك دفاعا عن مشروع الحريّة والا انطبق عليها قول ماركس -الذي يجب مساءلة فهمه للحرية هو الآخر- في مقدمة كتابه 'نقد فلسفة الحق عند هيغل' حين كتب عن الألمان سنة 1843 :
" رُعاتنا (اقرأ خلفاؤنا العادلون) في رؤوسنا، لم يحصل أبدا أن وجدنا أنفسنا في صحبة الحرية الا مرّة واحدة : يوم دفنها"!